top of page
حوار الأسبوع

ذكرت أن الدرس الأهم في الكتابة هو نبذ اليأس
تسنيم الحبيب: (سماء قريبة أعرفها) محطة أولى لبوح القلم

طالما حظيت بكرم الناشر وتعاونه في كل تجاربي الكتابية

 

يتشكل وعي الكاتب وتتبلور تجربته الأدبية بعد ان يخوض غمار الإصدار الأول حينها يقف على ابعاد ما قدم ويتلمس دربه في رحلته مع الأدب كيف كان وماذا اصبح وإلى اين سيمضي، الكاتبة تسنيم الحبيب استعرضت ملامح تجربتها في "الراوية الخليجية في عقدين" من خلال إصداراها " سماء قريبة أعرفها " وهنا التفاصيل.

 

 

-كيف تصفين علاقتك مع الرواية؟

-كانت الرواية هي النص الأول بالنسبة لي، بعد طرق أبواب المُحاولات، ومشاغبات الحرف، والوقت المديد اللاهث في الركض خلف مراوغات الكتابة: الفكرة والقالب والتراكيب واللغة... جاءت القصة القصيرة كخطوة بِكر في عالم النشر، ثم تسلحتُ بالجرأة ولُذت بها لأطرح روايتي الأولى (سماء قريبة أعرفها)، والصادرة عن (دار نوفا بلس) عام 2010.


-ماذا عن تجربة (سماء قريبة أعرفها) ؟

لم تكن تجربة روائية أولى، حيث كانت الرواية منذ مستهل الوعي، وحين رفت أجنحة فراشات الشغف بالحرف هي محطة أولى لبوح القلم، بدأ ذلك في مقاعد دراسة المرحلة المتوسطة، حيث كتبت ما كنت أسميه رواية آنذاك وكانت تحمل عنوان (محطات و أشجان) عام 1995، ثم (لحظات الغروب) عام 1998 والتي نشرت كحلقات في مجلة صوت الخليج الكويتية، ثم نشرتُ على حساب والدي رواية (العودة)، التي أحتفظ بنسخة واحدة منها  منذ عام 1999، والتي تفضّلت ابنة عمتي العزيزة فاطمة سيف الحبيب بالاهتمام بها: نقدها وتصميم غلافها، حينها كنت في السنة الأخيرة من الثانوية العامة". و لكني إن أردت أن أنظر إلى مسار الكتابة بجدية أكبر، سأعتبر أن تجربتي الروائية في (سماء قريبة أعرفها)، بدأت تتخذ ملامح أكثر وضوحاً، وأكثر تخصصاً، حيث فررت من قيد اللغة وبدأت أجتهد في إبراز روح الحكاية".

 

-كيف اتخذت قرار خوض تجربة الرواية ؟

‏‎- "سماء قريبة أعرفها"، جاءت بعد نصوص قصصية عديدة، "إذ ألح بعدها الحنين القديم للرواية، وصار لزاماً علي أن أُقدم على تلك الخطوة الأجرأ لأسير في مسارات السرد وتحولاته، خصوصاً إذ كانت المادة التي بين يديّ لا يمكن تطويعها في نص قصصي قصير، بل تتطلب أشكالاً متمددة، وآفاقاً رحبة من السرد، وشخوصاً تصرخ في متاهة عقلي لأعرض أصواتها وتحولاتها، وبالطبع لم تكن العملية سهلة، فإن كانت الكتابة في سن صغيرة تأتي طواعية ومنسابة وسيالة، تتكئ على السليقة،  وتجري من منابع الموهبة وحسب، وينظر إليها الكاتب بعين الرضا والاطمئنان، ويشعر أنه سيد حروفه وقائد أحداثه، فإنها بعد سن النضج وبعد المواجهات المكررة مع الحرف في نص أي كان نوعه... تصبح عصيّة وربما متمنعة".

‏‎

-لماذا تحمست للراوية من خلال "سماء قريبة أعرفها" ؟

-كنت أحتاج أن أعبر مضيق السارد الواحد، لأني شعرت أن لكل شخصية في النص صوتاً خاصاً، لا يمكن لسارد عليم مهما كانت معرفته بالأحداث ودخائل الشخصيات أن ينجح في إيصاله. لم يكن يجدر بي أن أروّض استقلالية تلك الشخصيات، ولم يكن يقدر ذلك السارد العليم على عدم الانزياح لشخصية ما، لذلك حرّرت الشخصيات من أسر السارد الواحد، وأفسحت لها المجال، وصار لها أن تبوح بكل شيء أرادته وفق خياراتها الخاصة وقناعاتها، وتركت مساحة أخيرة في الرواية، يجد فيها أحد المتلقين بعض الإجابات"، ورغم هذا، لم تكن لديّ خطة أكيدة في كتابة الرواية، وكنت في مواجهة مستمرة مع الهواجس...‏‎ كنت أحتاج المقاومة، لإسكات وسوسة تثبّط الخطو في المسار، وسوسة مثل:‏‎ ما جدوى هذا العمل؟‏‎ كيف سيظهر أمام هذا الحشد المتناسل من الروايات الجادة أو التي تستهين بالمتلقي؟‏‎ ماذا لو صرفت النظر وعدت للبيت الآمن، للنص القصصي الأليف، المتعاون، الطيّع كما كنتُ أحسبه، لماذا عليّ السير في طريق الرواية المفخخ؟ ‏‎وهذا ما كان، انصرفت عن الرواية لأكتب القصة ومحاولات الشعر والمتتاليات القصصية، التي تقترب بتريث من فن الرواية ثم نشرت تجربة في السرد أعتز بها جداً وهي صداح زينب، غير أن إلحاح الرواية استمر".

 

-ماذا استفدت من الكتابة ؟

الدرس الأهم في الكتابة هو نبذ اليأس، ومعرفة ما الذي نريده في مكابداتنا الكتابية، العديد يكتب بآمال عالية ثم يواجه الواقع المتمثل بقلة تداول أعماله أو إحساسه بأن نصه مهمل، وهذا الإحساس يأكل من قلبه وعزمه وقد يُطفئ جذوة عطائه، وقد واجهت ذلك الخاطر مراراً، كتبت كتباً ربما قرأها قارئ واحد، غير أن ذلك لم يثنني عن الاستمرار... عالجت شعوري بفكرة، قلت لنفسي إن الكتابة غاية بحد ذاتها وإنجاز النص بعد إعطائه حقه هو بُلغة".

‏‎

-هل الفكرة هي نقطة الانطلاق الحقيقية للكاتب ؟

كأن الفكرة حركت التروس الجامدة، وكأنها مكّنت عيون السرد المتحجرة من السيل. إن الفكرة هي الدافع... والدافع هو الإنسان، فإن كان في جعبتي ما أريد قوله، وإن كان صوت الإنسان بحالاته ومآزقه المتعددة يصرخ في روعي، فلتكن إذاً الرواية صلاة روحية خالصة للإنساني". ‏‎واستطردت قائلة: «اتّقدت في ذهني حينها فكرة الكتابة للناشئة، ولم تكن مسألة عابرة أو انفعالية بل شخصت أهميتها تزامناً مع نشوء أطفالي، فكتبت رواية  (الخروج من مدينة الزجاج) عام 2012 والتي تفضلت (دار الفراشة) بنشرها إيماناً منها بضرورة الكتابة لهذه الفئة العمرية، وبقيت حينها أترقب أثر مثل هذه اللون الكتابي، الذي اعتُبر حينها غير مألوف، فرواية الناشئة لم تكن تحصد ذلك الاهتمام سابقا، والحاصل أني أحببت أثر تفاعل القراء معها، وما زاد في غبطتي مناقشة الدكتورة نجود الربيعي أستاذ اللغة العربية في جامعة النرويج للرواية، وحضرت مع الدارسين - الناطقين باللغة العربية وغير الناطقين بها - مناقشة أجريت في جلسة افتراضية عبر الزوم .‏‎لذا وبعد قبول التجربة، كرستها في رواية (أمنية جديدة) الموجهة للناشئة أيضاً، والتي نشرت بفضل (منشورات تكوين)، وحظيت بجهود الأستاذ محمد العتابي بمقروئية عالية، ما أهّلها لتناقش في بعض المدارس كما في مدرسة السالمية الثانوية بنات بإشراف العزيزة أحلام كرم، وأيضا درست في درس اللغة العربية للصف التاسع في النرويج أيضا مع جهود الأستاذ شريين أبو زيد".

 

‏‎-كيف تصفين تجربتك مع الناشر؟

-طالما حظيت بكرم الناشر وتعاونه في كل تجاربي الكتابية المتمثلة بالنشر في دار نوفا بلس أو الفراشة أو العنوان أو دار كشمش وتكوين المتمثلة بالأستاذ محمد العتابي، والذي دفع بالتجربة إلى أفق أعلى، وبالتأكيد مع رواية "السقوط من جنة الأسماء"، والتي أعتبرها بداية حقيقة لمسار روائي مختلف قائم.‏ ‎

فقد كتبت السقوط من جنة الأسماء خلال سبع سنوات مع تعالق مستمر، وعودة إلى الفصول المخطوطة ومعمل الشطب والتحرير، بحثت خلالها عن شخصيات تشبه أبطال العمل، بدون لأم كويتية، يعيشون التناقش بين عالمين، ثم عثرت على بغيتي فصرت أستمع لتجاربهم المتنوعة، وأشكل معالم الرواية، وصرت أنقّب في طبيعة المكان الروائي إذ إن الشخصية تخوض رحلة تجبرها على التنقل من مكان لآخر، فلما تهيّأ خط الزمان وفهمت التدفق المكاني بدأت ترتيب العمل بمقتضى الحكاية، حكاية بطلي الرواية "مجاب وخولة"، عبر صوتين سرديين حاولت كثيرا أن يكون لكل منهما نبرته الخاصة. كتبتها غير عابئة بتحدي صناعة الجديد إذ إن قضية البدون طرحت في أكثر من عمل روائي، يفوق السقوط من جنة الأسماء متانة ودهشة، إنما مخلصة لمعاناة تلك الشريحة وما يدور في الحيوات المهمشة".

 

bottom of page