top of page

اليوم الأول: 20 فبراير 2024

الجلسة الافتتاحية 11:00 - 13:00


- مقتطفات ل كلمات افتتاحية سابقة للمغفور له بإذن لله السيد عبدالعزيز سعود البابطين

- كلمة معالي عبدالرحمن المطيري - وزير الإعلام والثقافة - دولة الكويت

- كلمة فخامة عبدالله جول - رئيس جمهورية تركيا الأسبق

- كلمة معالي السيد عمار الحكيم - رئيس تيار الحكمة - جمهورية العراق

- كلمة معالي الدكتور عمرو موسى - الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية

- كلمة دولة فؤاد السنيورة - رئيس وزراء لبنان الأسبق

- كلمة فخامة إلير ميتا - رئيس جمهورية ألبانيا الأسبق

- كلمة معالي مرزوق الغانم - رئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق

- كلمة معالي الدكتورة نيفين الكيلاني - وزيرة الثقافة المصرية

مقتطفات ل كلمات افتتاحية سابقة للمغفور له بإذن الله تعالى

السيد عبدالعزيز سعود البابطين

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على كل الأنبياء والمرسلين، وعلى آلهم وصحبهم أجمعين.

السادة الرؤساء

السادة الوزراء

السادة السفراء

السيدات والسادة الحضور

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

يسعدنا أن نرحب بكم جميعًا في هذا المنتدى العالمي، والذي نعقده اليوم بحضور هذا الجمع الطيب من القادة والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين من كل أنحاء العالم.

السيدات والسادة،

إن هذا المنتدى اليوم ليس تتويجًا لمسار المؤسسة، بل فاتحة لبداية مسار عمل شرط توفر المثابرة والعزيمة.

إن لقاءنا اليوم يكتسب غاية الإجماع على هدف مشترك وغاية نبيلة سامية؛ فنحن جميعاً مؤمنون بقيم السلام العادل لكن الإيمان وحده غير كافي إذا لم يقترن بالفعل والعمل فعلينا أن نتقدم سوياً لإنجاز عظيم من أجل المحافظة على إنسانية الإنسان بداية بنشر ثقافة السلام، وليس هذا ممكنًا إلا إذا جعلنا السلام العادل ثقافة حياة يومية، وأن تتعطر لغتنا اليومية بالسلام، وهذا ما تحتاجه الإنسانية.

أيها القادة السياسيون، وممثلو المؤسسات والخبراء رفيعو المستوى في الهيئات الحكومية الدولية ومنظمات المجتمع المدني، والمثقفون،

إنكم تجتمعون اليوم للتحاور بصدق حول كيفية دفع المجتمع الدولي ضمن مسارٍ من التعاون من اجل السلام العادل.

يا قادة العالم،

ضعوا رجاءً في أذهانكم بأنكم جئتم لتعمير الأرض وحماية من عليها لتشكركم الأجيال القادمة وتذكركم بالخير والثناء.

ولا بد أن نعمل جميعًا على تجفيف منابع الإرهاب وأن نتعامل مع جذوره لا مع ثماره، وذلك يكون أولًا بتجفيف منابع الظلم كالظلم الذي وقع ويقع على الشعب الفلسطيني الصامد في وجه الطغيان البشع والعنصرية المقيتة، وحرية هذا الشعب تحدٍّ أخلاقي لضمير العالم ولصدقية الدول في احترام حقوق الإنسان.

ويجب ألا نتوقف وأن نُذَكِّر وأن نكرر المحاولة وفي النهاية سننجح بإذن الله.

املئوا الأرض سلاماً وزهوراً وسناء، وانهجوا نهج وئامٍ، وارتدوه كرداءٍ لتعيشوا في أمانٍ ورخاءٍ وإخاء.

وفقنا الله جميعًا، وشكرًا أيها السيدات والسادة القادة وشكرًا للأخوات والإخوة الحاضرين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة معالي عبدالرحمن المطيري - وزير الإعلام والثقافة - دولة الكويت

" بسم الله الرحمن الرحيم "

معالي الدكتورة/ نيفين الكيلاني وزير الثقافة بجمهورية مصر العربية الشقيقة..

الأخ الفاضل / سعود عبدالعزيز البابطين نائب رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية..

أصحاب المعالي والسعادة..

الحضور الكرام..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية أود أن أعرب عن سعادتي بهذا الجمع الكريم على أرض الكنانة في جمهورية مصر العربية الشقيقة، وأثمن الجهد الكبير المبذول لإنجاح فعاليات المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل المقام تحت رعاية كريمة من فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة.

الحضور الكريم.....

يطيب لي أن أتقدم بجزيل الشكر إلى معالي الأخت الدكتورة/ نيفين الكيلاني وزير الثقافة بجمهورية مصر العربية وإلى الاخ الفاضل سعود عبدالعزيز البابطين نائب رئيس مجلس الأمناء بمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية على التعاون البناء لاستضافة هذا المنتدى العالمي وحسن التنظيم والترتيب لأعمال المنتدى، متمنين أن تتكلل أعماله بالتوفيق والنجاح.

ويشرفني أن أنقل لكم تحيات حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ/ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح حفظه الله و خالص التمنيات للمنتدى بالتوفيق والسداد لما فيه مصلحة أوطاننا الغالية

الحضور الكريم..

يسعدني الإشادة بالمبادرات الرائدة لمؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية التي حملتها لجميع الحضارات وحرصها على نقاط الالتقاء مع جميع الثقافات، حيث تجتمع المعرفة والإبداع والفكر، في رحاب هذه المؤسسة العريقة.

وهنا نستذكر مآثر الشاعر القدير الراحل العم/ عبد العزيز سعود البابطين رحمه الله وجهوده الثقافية الكبيرة وإسهاماته البناءة حيث لم يكتف بإحياء القصائد وتكريم الشعراء فقط، بل حرص على تعزيز ثقافة السلام والإرشاد الحضاري والإشعاع الثقافي والتعاون من أجل الحوار والتعايش الإنساني على كافة المستويات لتتسع مساحات الحوار والتواصل والانطلاق بها نحو آفاق أكثر إشراقا ورحابة.

الحضور الكريم..

إن هذا المنتدى العالمي، و الذي يعالج من خلال قضيته الرئيسية لهذا العام دور السلام في تعزيز التنمية ونجاحها في المجالات المختلفة ، يعتبر فرصة لنا جميعاً للتواصل والمناقشة وتبادل الآراء والأفكار والخبرات بين المعنيين والمختصين و المثقفين والمفكرين والمبدعين لتقوم الثقافة بدورها الريادي المنتظر والمأمول ، كإطار لجهودنا جميعا ، ومرشدا إلى مستقبلنا الواعد ، وجسراً يتجاوز بنا الحدود والتحديات ، لنبرز الدور الرئيسي والهام للسلام في كافة المجالات التنموية فلا تنمية بلا سلام ، متطلعين لما سيخرج به هذا المنتدى من توصيات تصب في صالح الأوطان والشعوب وتحقق تطلعاتهم وأمانيهم.

الحضور الكريم..

إن كل دول العالم بشعوبها وفكرها تجتمع على الثقافة ، التي من شأنها توحيد كل أنماط الفكر الانساني من أجل خدمة البشرية، وقد حرصت الكويت في علاقاتها مع الجميع على تعزيز السلام في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية لينعم الجميع ببيئة آمنة ممكنة تعين على التنمية والرخاء والازدهار الأمر الذي توج بتسمية الكويت مركزا للعمل الإنساني من قبل الأمم المتحدة وهو وسام فخر واعتزاز يترجم الجهود الكويتية الحثيثة في هذا المجال، فقد آمنت الكويت دائما بضرورة البحث عن كافة السبل والسياسات المتعلقة بالسلام والمصالحة ودعم وتوجيه الشباب والنشء وتنميته بشكل خاص على المعارف والمهارات من أجل ممارسة ثقافة السلام لعلمها التام بأن الثقافة هي خير وسيلة لتوحيد الأمم ونهضتها.

الحضور الكريم..

من خلال هذا المنتدى نجدد موقف دولة الكويت الثابت والراسخ قيادة وحكومة وشعباً الداعم للقضية الفلسطينية على كافة الأصعدة الإقليمية والدولية وفي شتى المجالات السياسية والإعلامية والإنسانية، حتى يتحقق للشعب الفلسطيني الشقيق كامل حقوقه في ظل دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفقاً للمرجعيات الدولية وفي مقدمتها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما نؤكد حرص وزارة الإعلام في دولة الكويت من خلال قنواتها المسموعة والمرئية والإلكترونية على متابعة الشأن الفلسطيني وإبقاء الوعي بالقضية الفلسطينية حاضرا لدى الأجيال الصاعدة مع إدانتنا الشديدة لما يتعرض له الأشقاء في فلسطين من انتهاكات وتجاوزات وندعو المجتمع الدولي إلي وضع حد فوري لانتهاكات قوات الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

وفي الختام..

لا يسعني إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لجمهورية مصر العربية الشقيقة، لاستضافتها للمنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل، كما أتقدم بجزيل الشكر للمنظمين و الحضور على كافة الجهود المبذولة لإنجاح هذا المنتدى.

والله الموفق والمستعان.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،،

كلمة فخامة عبدالله جول - رئيس جمهورية تركيا الأسبق

السلام عليكم،

بسم الله الرحمن الرحيم،

أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،

أصدقائي الأعزاء،

السادة الحضور،

أود بدايةً أن أعرب عن سعادتي بأن أكون معكم اليوم في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل الذي تنظمه مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة في جمهورية مصر العربية.

تلعب المؤسسة دورًا مهمًا في نشر "ثقافة السلام" في منطقتنا وخارجها، لذلك أود أن نتذكر الأخ الراحل عبدالعزيز سعود البابطين داعيًا الله أن يتغمده بواسع رحمته، كما أود أن أهنئ عائلة البابطين الكرام وأبناءهم على استمرارهم في المحافظة على إرثه الثقافي الكبير.

واسمحوا لي أيضًا خلال هذه المناسبة الطيبة أن أعرب عن سعادتي الكبيرة لوجودي في العاصمة المصرية القاهرة بعد غياب طويل.

لقد عملتُ خلال فترة رئاستي، وعلى مدى سنوات عملي في مختلف المناصب، على تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين تركيا ومصر، وقمنا استنادًا إلى تاريخنا وثقافتنا واهتماماتنا المشتركة، بتحقيق العديد من الإنجازات الملحوظة خلال تلك الفترة، كما تم الإعلان عن فصل جديد من التعاون بين بلدينا بعد الزيارة الرسمية الأخيرة لفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى مصر بعد فترة ليست قصيرة من الركود في العلاقات بين البلدين، وأنا شخصيًا أرحب كثيرًا ومن كل قلبي بهذا التعاون.

السيدات والسادة،

لطالما كان وجود بيئة سلمية وآمنة على مر التاريخ البشري شرطًا أساسيًا للعيش في حالة من الهدوء والازدهار.

كان من الضروري تلبية هذا الشرط الصعب حتى نستطيع الحديث حول التنمية السياسية والاقتصادية وكذلك عن التقدم الثقافي والتكنولوجي.

إنها حقيقة أننا نعيش اليوم في عالم مجزأ وهش أكثر من أي وقت مضى؛ حيث يوجد العديد من الكوارث على العديد من الجبهات، والتي تُظهِر بدورها أننا نسير بعيدًا طريق عن ثقافة السلام.

يمكن أن تشتعل الأزمات المحتملة بسهولة لأننا نسينا بالفعل القيمة العالية لهذه الثقافة (ثقافة السلام). ويمكننا أن نرى أننا في العديد من النزاعات، لا نتفاوض على شروط السلام، بل نستعد فقط لكيف ومتى نقاتل ونتحارب.

لكي نصف النظام العالمي القائم حاليًّا، لن أقول إن العالم هو عالمٌ متعدد الأقطاب. فمن الغرب إلى الشرق؛ ومن الشمال إلى الجنوب هو عالمٌ متعدد الاستقطاب. وفي هذا الجو متعدد الاستقطاب، ليس من السهل الحديث عن استيعاب ثقافة السلام.

إننا بكل أسف محاطون بالأزمات والحروب، وهو الأمر الذي نرى أنه على عكس توقعاتنا.

لقد أظهرت لنا الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة أن مثل هذه الأزمات لها آثار إقليمية وعالمية شديدة الخطورة.

لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى أن يفد الغرب والشرق ثقتهما في بعضهما البعض.

أتذكر أنه في إحدى اجتماعات قمة الناتو، كان أعضاء الناتو ورئيسه وروسيا يعقدون العديد من الاجتماعات التي كانت تحت اسم منصة الناتو-روسيا لمناقشة أمن أوروبا والعالم. الآن لا أستطيع أن أتخيل كيف أصبحنا من هذا إلى ذاك.

وعندما نوجه أعيننا إلى الشرق الأوسط، فسوف نرى ونصطدم بصورة مفجعة أخرى، حيث يتعرض الفلسطينيون للمجازر والفظائع التي ترتكبها إسرائيل بسبب سياساتها الوحشية ذات الدوافع الأيديولوجية.

لقد انهارت الثقة في النظام الدولي القائم على القواعد أمام ما يحدث في غزة أمام أعين العالم بأسره.

بشكل عام، عندما يتعلق الأمر بالقضايا العالمية، فإننا نشير في كثير من الأحيان إلى عدم الثقة والصراع بدلاً من أن نشير إلى الثقة والتعاون. علاوة على ذلك، بلغت العسكرة معدلات قياسية في ظل انتشارها في جميع أنحاء العالم.

إن تاريخ العالم مليء بالأمثلة التي فشل فيها النهج الذي يهيمن عليه النظام الأمني.

إننا نحتاج إلى تهيئة المناخ المواتي لتوفير التوزيع المناسب لمواردنا، بدلاً من ذلك العقل المهووس بتطبيق الأمن.

إننا بحاجة إلى أن يسود السلام والازدهار والتعايش، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال نظام قوي قائم على العدالة، ويمكن بناء مثل هذا النظام من خلال إنشاء الإطار السياسي المناسب.

إن الحكم الرشيد هو شرط لا غنى عنه لأي إطار سياسي، كما أن وجود معايير سياسية وقضائية ومؤسسات مرنة يعتبر أمرًا ضروريًا لتصميم وإدارة أي دولة بالشكل الصحيح.

إن الحكم الرشيد هو المخرج الوحيد نحو السلام والازدهار والتنمية، بغض النظر عن النظام السياسي الذي نشير إليه.

إن ذلك الحكم الرشيد يجلب معه مجموعة أدوات مهمة مع ذاته مثل سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، والمساءلة، والشفافية، والنهج القائم على الجدارة، والشمولية، والعدالة في توزيع الدخل، والمساواة بين المرأة والرجل.

يمكن تطبيق التنمية والسلام بطريقة مستدامة في ظل ظهور نهج متكامل للحكم الرشيد.

السادة الحضور

إن الشرق الأوسط كما هو معروف هو أحد المناطق التي تحتاج إلى السلام والتنمية أكثر من غيرها في وقتنا الحاضر.

وعلى الرغم من أن الشرق الأوسط معروف بأنه مهد التنوير الثقافي والفكري والديني للإنسانية، إلا أنه للأسف منذ القرن الماضي، يتم تذكره فقط بالفوضى والصراعات والحروب.

لقد أدى غزو العراق والحرب في سوريا إلى تصدع العمود الفقري لهذه البلدان وإعاقة تنميتها بشدة، وقاد شعوبها إلى أن يعيشوا في حالة من المعاناة والبؤس، كما أسفرت تلك الأحداث عن نتائج سلبية خطيرة للشرق الأوسط بأكمله.

في حين أن الجروح الناجمة عن هذه الأزمات لا يمكن أن تلتئم بالكامل، إلا أن المنطقة تواجه ألمًا آخر لا يطاق. إن ما نشهده اليوم وببالغ الحزن في قطاع غزة، إنما هو فظائع ووحشية غير مرئية، وأمرٌ لا يتحمله أي ضمير إنساني، كما أنه لا يؤلم قلوب العرب والمسلمين فحسب، بل يؤلم أيضًا الإنسانية جمعاء، والسبب وراء بدء تلك الأحداث واضح للغاية.

لقد واصلت إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية بطريقة غير قانونية وغير عادلة، ثم طبقت سياسة استيطانية قاسية في الضفة الغربية على الرغم من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما أجبرت السلطات الإسرائيلية الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم، وهو الأمر الذي يتم بطريقة منهجية للغاية.

لقد حكموا على الفلسطينيين بأن يعيشوا دون كرامة على مر السنين، لذلك كان من المحتم في ظل هذه الظروف مواجهة مثل هذه النتيجة المحزنة والمأساوية.

لذلك، وكما ذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشجاعة في كلمته، "من المهم الاعتراف بأن هجمات السابع من أكتوبر التي شنتها حماس لم تحدث في فراغ".

إن ما تفعله إسرائيل الآن هو الانتقام من المدنيين والنساء والأطفال الأبرياء، إنه عقاب جماعي للشعب الفلسطيني ينتهك جميع أحكام القانون الدولي.

وقد قُتل حتى الآن ما يقرب من 30.000 فلسطيني. 75 ٪ منهم من النساء والأطفال، وهذا مع الأسف رقم قياسي من القتلى ومخجل في الوقت نفسه.

وعلى الرغم من قرار محكمة العدل الدولية الذي يدعو إسرائيل إلى منع الأعمال التي يمكن أن تؤدي إلى الإبادة الجماعية في غزة أو التحريض عليها والمعاقبة عليها، فإن إسرائيل لا تتوقف عن سياسة التدمير التي تتبعها، ولا تزال تقصف مخيمات اللاجئين والمستشفيات وتخطط لبدء عملية عسكرية برية في مدينة رفح التي حوصر فيها مئات الآلاف من الفلسطينيين بحثًا عن قدرٍ من الأمان، لذا فإن هناك احتمال كبير بأن يزداد الوضع سوءًا إذا لم يكن من الممكن إيقاف إسرائيل الآن.

لذلك، يجب على الدول التي تدعم سياسات إسرائيل بشكل أعمى أن تدرك أن هذا لا يسهم بشكل أو بآخر في تحقيق الأمن لهذا البلد، بل إنه يسبب في المقابل المزيد من الاستقطاب وانتشار الكراهية والعداء في جميع أنحاء العالم.

يحتاج المجتمع الدولي بطريقة موحدة وقوية إلى جعل الجانب الإسرائيلي يفهم هذا الواقع الواضح: “إذا لم تغير إسرائيل موقفها العنيد المتعجرف، فقد لا تفلت يومًا ما من كابوسها".

وبهذه المناسبة، أود أن أؤكد على الدور الفريد الذي تلعبه مصر منذ بداية القضية الفلسطينية، فقد شاركت مصر على مدى تاريخ القضية الفلسطينية في الجهود الرامية إلى تحقيق الحل الشامل للصراع الإسرائيلي العربي، وبذلت بفضل خبرتها المتراكمة جهداً بارزاً لإيجاد حل دبلوماسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

ولقد أظهرت السلطات المصرية مرة أخرى موقفًا مسؤولًا وتعاونيًا بعد هجمات السابع من أكتوبر الماضي.

ولا شك أن هذه التطورات أثّرت بشكل مباشر على أمنها واقتصادها الوطنيين.

كما سخّرت تركيا كل طاقاتها لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة للفلسطينيين والمساهمة في إيجاد حل دبلوماسي طويل الأجل للحرب المستعرة هناك.

كما أنها تلعب جنبًا إلى جنب مع أصدقائها في المنطقة دورًا ديناميكيًا في السعي للتوصل إلى حل سلمي وعادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

السادة والسيدات الحضور،

بعد ما رأيناه من الحجم الهائل من الآلام والدموع والتضحيات، يتضح لنا شيئًا واحدًا بكل وضوح، وهو أنه لا يمكن "تحقيق حل سلمي وعادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلا من خلال دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن".

لقد أدرك العالم بأسره أنه لا غنى عن حل الدولتين هذا لضمان تحقيق السلام والأمن للفلسطينيين والإسرائيليين والشرق الأوسط بأكمله، لذا يجب أن يكون هذا الاعتراف المشترك بُوصَلَة المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لقبول شروط هذا الحل.

نحن بحاجة إلى وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار بالتأكيد في غزة الآن، وهو الأمر الذي لا شك فيه، إلا أن وقف إطلاق النار لن يكون كافياً، إذا لم نبدأ في العمل على تصميم معايير حل الدولتين.

كما أن هناك حاجة إلى مزيد من التفكير من الجانب الفلسطيني خاصةً بعد الكم الهائل من التضحيات والخسائر التي تعرض لها الفلسطينيين، كما تحتاج جميع الفصائل الفلسطينية إلى أن يجلسوا معًا ويبدأوا في مناقشة استراتيجية الخروج السياسي من هذا المأزق والاتفاق عليها، لذلك، فإن تحقيق الوحدة السياسية فيما بينها أمر ضروري.

ويمكن لمثل هذه القيادة الموثوقة والجديرة بالثقة والجديدة أن تقود المفاوضات بمستوى عالٍ من القدرة التمثيلية،

هذه القيادة فقط هي من يمكنها إظهار قوتها على طاولة المفاوضات وتحقيق مهمة تاريخية، مع الأرضية الأخلاقية الإضافية التي تم اكتسابها.

وبصفتنا أصدقاء للفلسطينيين، فإننا نحتاج إلى مساعدتهم على قضاء وقتهم وطاقتهم في هذا الاتجاه.

السادة الحضور،

في ظل هذه الظروف، لا تزال مبادرة السلام العربية لعام 2002، التي أقرتها منظمة التعاون الإسلامي واحتضنتها إيران بشكل خاص، تمثل مسارًا قابلاً للتطبيق للمضي قدمًا، فإن هذه المبادرة لا تمهد فقط الطريق لإقامة دولة فلسطينية مع حدودها التي يعود تاريخها إلى عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بل إنه يعطي فرصة ذهبية لإسرائيل لإقامة علاقات طبيعية مع الدول العربية في سياق يوفر إمكانات تعاون هائلة معها.

إذا تحقق هذا الحلم، فسيساهم ذلك أيضًا في القضاء على الأسباب الجذرية للحركات الراديكالية التي تعمل في زوايا مختلفة من العالم.

تم دفع الثمن الباهظ لحالة الحرب.

لذلك، حان الوقت الآن للخروج من الظلام إلى النور.

أصدقائي الأعزاء،

في ختام كلمتي، أود أن أعرب مرة أخرى عن خالص امتناني وتقديري للمؤسسة والسلطات المصرية لأنهم وفروا لنا الفرصة لنجتمع هنا مرة أخرى وبالطبع من أجل سبب وجيه للغاية.

مرة أخرى، شكراً جزيلاً.

كلمة معالي السيد عمار الحكيم - رئيس تيار الحكمة - جمهورية العراق

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين.

السادة والسیدات الحضور..

السلام عليكم ورحمة ﷲ وبركاته..

يسعدني مشاركتكم في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام من أرض الكنانة.. أرض العروبة والسلام.. جمهورية مصر العربية ... الدولة الشقيقة والعزيزة على قلوب العراقیین جميعاً..

آملين أن تثمر مخرجات ھذا المنتدى الرصین لمؤسسة الراحل الكبير الشيخ عبدالعزیز سعود البابطین الثقافیة.. ما فیه خیر شعوبنا في المنطقة والعالم.

هي فرصة ثمينة نستذكر فيها الشخصية العربية الفذة التي تركت بصمة مهمة في ميدان الثقافة والأدب العربي وشيدت منظومة واسعة من العلاقات العربية والإسلامية والدولية.

وكم نفتقد الأخ العزيز الشيخ المكرم عبد العزيز البابطين في هذا الجمع الكريم ولنا بوجود نجله النبيل الأستاذ سعود عبد العزيز البابطين سلوان بفقده راجين له التوفيق في مواصلة الطريق والحفاظ على الإرث الكبير الذي خلفه فقيدنا العزيز.

السلام ليس غياباً للحرب والنزاع فحسب، بل هو حالة الأمان والاستقرار التي تبدأ من العلاقات الشخصية، والاجتماعية وتمتد إلى الآفاق الدولية الأوسع.

والسلام في أهم مصاديقه يعني الحفاظ على كرامة الإنسان، والعيش بسلام مع الآخرين، وتعزيز التفاهم والتعايش بين مختلف الثقافات والديانات.

إن الحدیث عن ثقافة السلام یتطلب أولاً استحضار الأركان الأساسیة وتفعيلها لتحقیق ھذا السلام..

فلا یمكن الحديث عن السلام من دون إرادة حقيقية تؤكد الحاجة للسلام ..

ولا یمكن تطبیق هذه الإرادة من دون قدرة فعلیة لصناعة هذا السلام..

وصناعة السلام ھي الأخرى .. لايمكنها انتاج سلام دائم من دون آلیاتٍ جدية لحفظ هذا السلام..

ھذه الأركان الثلاثة لتحقیق السلام من (الحاجة الفعلیة والقدرة على صناعة السلام .. وآلیات الحفاظ عليه وديمومته) .. لایمكن اكتمالھا من دون عملیة تنمویة لبناء السلام واستدامته بشكلٍ عمليٍ وفاعل ومناسب،... فالسلام الدائم ھو ما ترتضيه الأجیال القادمة لتكون الضامنة في إدامته وحفظه.

والسلام العادل يتضمن حماية حقوق الإنسان، وضمان الحريات الأساسية للجميع.

وهو يشمل الحق في الحياة، والحرية، والسعي نحو السعادة والعيش الكريم.

وباختصار، فالسلام العادل كما نراه، هو أبعد وأوسع من غياب الصراعات؛ إنه يعكس حالة من العيش المتوازن المستقر الذي يقوم على أسس العدل، والإحسان، والتسامح، واحترام حقوق الإنسان.

نحن الیوم بأمس الحاجة لتعزیز مبادئ السلام وتطبیق أركانه الفعلیة في منطقتنا وفي العالم من خلال تعزیز فرص التنمیة الشاملة وتحقیق أركانها .. فالسلام ھو مفتاح التنمیة الحقیقي لشعوبنا و دولنا والعكس صحیح..

ولایمكن فصل التنمیة عن السلام .. فهناك علاقة متشابكة بین المفھومین.. فإذا أردنا تنمیةً شاملةً في بناء الإنسان والمجتمع والأسرة والحكومات .. مروراً بجميع القطاعات الاقتصادیة والسیاسیة والبيئية ..

فلابد من إرساء السلام وتطبیقه أولاً .. والتنمیة تعكس مجموعةً متكاملةً من القیم الاجتماعیة والسیاسیة.. تتمثل مجتمعة في إقرار وترسيخ ثقافة السلام.

وإن الزیادة السكانیة التي یشھدھا العالم الیوم ومنطقتنا العربیة والإسلامیة بالأخص.. تجعل من التنمیة مطلباً وجودياً أكثر منه مفھوماً وثقافةً..

كما أن التحديات الديموغرافية والبيئية هي عوامل لا يمكن تجاهلها، حيث إن النمو السكاني السريع، والهجرة، وندرة المياه، وتغيرات المناخ، باتت أموراً جوهرية وأساسية تحتاج إلى معالجة عاجلة لضمان مستقبل السلام.

فلا بدیل الیوم غیر الإسراع في عجلة التنمیة الشاملة ومكافحة العوائق التي تحول دون تحقیق تلك التنمیة المرجوة.

إن الشباب لايمثلون مستقبل أمتنا فحسب، بل هم الحاضر الفاعل والمؤثر في بناء عالمٍ أكثر سلامًا وازدهارًا.

والشباب أكثر من يصلح لتعزيز جسور التواصل بين الثقافات والأديان والحضارات. من خلال التعليم والتبادل الثقافي، وأكثر من يمكنهم لعب دور محوري في تعزيز التفاهم والتعايش بين المجتمعات المختلفة.

إن الاستثمار في الشباب وتمكينهم يعني بناء أساس متين لعالم أكثر سلامًا وتناغمًا. دعونا نعمل معًا لتوفير الفرص والموارد التي يحتاجها شبابنا ليكونوا قادة السلام في اليوم والغد.

لا سیادة ولا حریة ولا استقلال في القرار السياسي وفي الصناعة والزراعة وسائر القطاعات في دولنا العربیة والإسلامیة.. ما لم تكن ھناك تنمیة شاملة وحقیقیة في مجتمعاتنا وبلداننا.

ومن الأمثلة البارزة على التنمية المستدامة في الوطن العربي هي "مشروع العاصمة الإدارية الجديدة" في مصر، الذي يعد مثالاً على الجهود الكبرى نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز السلام وفق خطة محترفة لتخفيف الضغط عن القاهرة التي تعاني من الازدحام الشديد والتداعيات البيئية، فجاءت رؤية تصميم المدينة بطريقة تضمن الكفاءة في استخدام الموارد، مثل إعادة استخدام المياه والطاقة الشمسية بنحو أمثل.

وهنالك عدد من المشاريع العربية، تعتبر مثالاً ممتازاً في التنمية المستدامة منها :

• مشاريع الكويت في مجال الطاقة المتجددة والبنى التحتية كمشروع مدينة الحرير الذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتحسين جودة الحياة للسكان.

• مشاريع قطر في استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى مدخلاً لتعزيز التنمية المستدامة.

• مشروع الديسي لنقل المياه في الأردن.

• ومشاريع طاقة الرياح والشمس في المغرب.

• ومدينة مصدر في الإمارات العربية المتحدة.

• ورؤية (2030) في المملكة العربية السعودية.

• وميناء الفاو الكبير وطريق التنمية في العراق.

وفي هذا السياق الحيوي نرى من الضروري أن تتسم العملیة التنمویة في بلداننا بالمبادئ الثلاثة الآتیة:

أولاً/ أن تكون متجهة نحو تلبیة الاحتياجات غیر المادیة، وأن لا تقتصر على المفھوم المادي .. فالفقر اليوم لا یعني احتیاج الإنسان إلى الغذاء والدواء فقط .. بل الفقر الحقیقي ھو فقر المنظومة التعلیمیة والقیمیة والأخلاقیة .. وأبرز ما یھدد شعوبنا ھي تلك الثقافات المنحرفة والدخیلة على قیمنا العربیة والإسلامیة.

ثانیاً/ أن تنطلق التنمیة من داخل المجتمع نفسه .. معتمدة على موارده البشریة والطبیعیة والثقافیة.. فأھل مكة أدرى بشعابھا.. ولا نرید غطاءاتٍ ومبرراتٍ تتیح للآخرین التدخل بشؤوننا بإسم التنمیة، لأغراض وأھداف فرعیة ودخیلة.

ثالثاً/ أن تكون التنمیة مستندة إلى تحولات بنیویة في الاقتصاد والمجتمع والبیئة الإقلیمیة والدولیة.. حتى تكون تنمیة جذریة وشاملة وحقیقیة.. فمن الصعب أن تنفرد دولة ما بالتنمیة وھي ضمن محیط إقلیمي مضطرب غیر مستقر.. ومن المستحیل أن نتكلم عن التنمیة تحت أزیز الرصاص وطبول الحرب وآثارھا المدمرة الفادحة.

وتحقيق ذلك یتطلب أولاً تشخیص الكوابح التي تقف عائقاً دون الوصول إلى مشارف التنمیة وتحقیقھا.. فالضعف والقصور في القطاع التعلیمي، وھشاشة النظام الإداري والمصرفي وتصاعد حالات العنف المجتمعي وإهمال الاتفاقیات التطویریة والاستثماریة بین الدول والمؤسسات .. وعدم الاستقرار في المنظومة الإقلیمیة سیاسیا وأمنیاً واقتصادیاً .. تعد من الكوابح الأساسیة التي تمنع استمرار عجلة التنمیة في بلداننا.

إننا في العراق عانینا كثیراً من آثار توقف عجلة التنمیة.. وما زلنا نعاني بعض آثارھا بالرغم من الخطوات الكبیرة التي تحققت طیلة العقدین الماضیین، وما تحققق في حكومة الأخ السوداني بشكل خاص.

فالحروب وسنوات الحصار .. ثم ثقافة التطرف والتكفیر والعنف .. كانت عوائق أمام نھوض العراق .. والیوم بحمد ﷲ وتوفیقه وبإرادة العراقیین وقواھم السیاسیة الوطنیة ومرجعياتهم الرشيدة استطعنا تجاوز تلك العوائق وآثارھا المدمرة على الانسان والمجتمع إلى حد كبير.

فعراق الیوم یختلف عن أمسه وماضیه .. وھو في طریقه نحو الریادة في مجالات حيوية واستراتيجية بإذنه تعالى.

لقد استطاع العراق أن یكسر شوكة الإرھاب والتطرف .. واستطاع توحيد مكوناته في إدارة عملیة سیاسیة دیمقراطیة ناجحة.. فالدیمقراطیة تقع في صمیم التنمیة.. ولا يصح الحديث عن تنمیةٍ بلا نظامٍ دیمقراطي يقوم على التداول السلمي للسلطة.

كما استطاع العراق أن یعید جزءاً كبیراً من إمكانیاته الذاتیة في المجال الاقتصادي والأمن الغذائي والكثير من الاحتياجات الأساسیة .. وھو في طریقه لتحقيق قفزات كبیرة في مجال الاستثمار والتنمیة الصناعیة عبر توفیر البنى التحتیة المطلوبة لذلك..

وقد نجح العراق أیضا في النأي بنفسه من الدخول في اصطفافاتٍ إقلیمیةٍ ودولیةٍ من خلال اعتماده سیاسة الحیاد الإیجابي دون المساس بقیم الأمة العربیة والإسلامیة وثوابتھا الدینیة والأخلاقیة الأصيلة.

لكننا الیوم نواجه تحدیاً كبیراً.. وھو أمر تشترك فیه جمیع دولنا العربیة والإسلامیة .. ھو تھدید أمن منطقتنا وزعزعة السلام فیھا بعدما حققته من نجاحاتٍ كبیرةٍ في عودة المیاه إلى مجاریھا الطبیعیة.

الحضور الكريم ..

نحن اليوم مجتمعون لمناقشة واحدةٍ من أكثر القضايا إلحاحًا في عالمنا العربي في مواجهة تحديات السلام.

ففي قلب هذه التحديات، تحتدم النزاعات الداخلية والإقليمية. وقد شهدنا، للأسف، كيف يمكن للحروب الأهلية والصراعات الطائفية أن تدمر مجتمعاتنا من الداخل، وكيف تعمل النزاعات الإقليمية على إضعاف علاقاتنا مع جيراننا.

وما زال التطرف والإرهاب يواصلان تقويض جهودنا نحو السلام، ولا يمكننا التغاضي عن الحاجة إلى مواجهة هذه التحديات بشكل جذري وشامل.

إن ما یتعرض له شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة والمدن الفلسطينية الأخرى من إبادة جماعیة تحت مبرراتٍ غیر منطقیة من قبل الكیان الصھیوني وتحت صمت دولي مریب .. تعد من أبرز التحدیات التي تواجه إرساء ثقافة السلام ودفع عجلة التنمیة في المنطقة.

نقدر الجھود الكبیرة التي تبذل من قبل جمھوریة مصر العربیة ولاسيما ما يقوم به الرئيس السيسي وما تسعى إليه العدید من دول المنطقة والعراق بشكل خاص للوصول إلى حل جذري لإیقاف ھذه المأساة الإنسانیة وإیجاد حل عادل یحقق كرامة الفلسطینیین وحقھم الطبیعي على أراضیھم المحتلة..

إذ لا یمكن أن نتخیل وجود تنمیة حقیقیة.. ووجود سلام دائم بوجود أراض محتلة وحقوق مسلوبة .. وسیاسات تدميرية ومتھورة تؤثر على أمن شعوبنا و دولنا.

القضیة الفلسطینیة لیست شعاراً سیاسياً وإنما ھي قضیة تمس كرامة المواطن العربي والمسلم.. ولا یمكن التغاضي عنھا أو تعویمھا بأسالیب وجھود بعيدة عن معنى الكرامة والإنسانية.

إنني أدعو ومن خلال ھذا المنتدى الدولي إلى اعتبار التنمیة المستدامة والمستندة إلى سلام حقیقي ودائم في منطقتنا العربیة والإسلامیة ... هي القضیة الأولى لدى دولنا وحكوماتھا ومجالسھا التشریعیة.. كلاً بحسب نظامه السیاسي وبيئته و أولوياته.

وأن نشهد خطوات عملیة ذات أولویة في نتائج الاجتماعات الدوریة لجامعة الدول العربية والمنظمات العربیة والإسلامیة.. لتكون تلك التنمیة ضمن مشروع القرارات الإقلیمیة وقوانین التنفیذ المحلیة في مسار تأمین مستقبل أجیالنا وحفظ مصالحھم وفرصھم في حیاة حرة كریمة.

إن الطريق نحو السلام ليس سهلاً، ولكنه ضروري. يتطلب منا جميعًا - حكومات، وبرلمانات ومؤسسات، وأفراداً - التزامًا جادًا وعملًا متواصلاً. ونحن على ثقة بجهودنا المشتركة، في السعي إلى تحقيق السلام المنشود في عالمنا العربي وفي العالم.

حمى ﷲ شعوبنا العربیة والإسلامیة من كل سوء ومكروه..

وحمى ﷲ شبابنا العربي والإسلامي من أنیاب الثقافات الدخیلة وظواهرها الأخلاقية المشؤومة..

إنه سمیع مجیب الدعوات ..

والسلام علیكم ورحمة ﷲ وبركاته.

كلمة معالي الدكتور عمرو موسى - الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية

كلمة دولة فؤاد السنيورة - رئيس وزراء لبنان الأسبق

أصحاب الفخامة والدولة والمعالي

الأخ سعود البابطين رئيس مؤسسة الأخ عبد العزيز سعود البابطين

السيدات والسادة،

نعم، لا تنمية بدون سلام، ولا سلام بدون عدالة. هذا هو التصور المُحْكَم للراحل الصديق العصامي والمحسن والمعلم الكبير الأخ عبد العزيز سعود البابطين الذي أراد إقامةَ هذا المُنتدى على هدْيٍ مِنْ ذاك التصوُّر وعن معرفةٍ وحسن تقدير. ولطالما كانت الهِمَّةُ العالية، والحكمةُ وسَدادُ التقدير من صفات هذا الرجل الكبير الذي لا يُنسى. فبالهمة العالية عمل طوالَ عقودٍ من عمره المبارك في رعاية ديوان العرب، أعني الشعرَ العربي، قديمَهُ وحديثَهُ، فكانت منتدياتُه ومؤتمراتُه منصَّاتٍ ومنابرَ للإحياء والتجديد وصنعِ البديعِ والمتقدم. وكثيرٌ منا يتذوقون الشعر العربي القديم والحديث، لكنّ الشاعر حقاً الذي كانَهُ الشيخ عبد العزيز، قد دخل عالَم الشعرِ العربي فأعاد إليه روحَهُ وحيويته، ونهض به نهوضاً منقطع النظير، وكانَ من آخرِ منجزات مؤسسته في العام 2023 منحُ جائزة البابطين الثقافية للشاعر الأردني عبد الله أمين أبو شميس.

لقد كان هُيامُ فقيدِنا الكبير بالشعر العربي، لا ينفصلُ عن هُيامِه بالنهوضِ العربي في شتى المجالات. وهو قد نظر إلى مسألة النهوض العربي باعتبارها خياراً كبيراً وكذلك تحدياً كبيراً. هي خيارٌ لأنّ الأُمم لا تحيا ولا تتجدد بدون نهوضٍ في المجالات الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية، وبما يعني نهوضاً في الحياة المعاصرة كلّها. ولذلك كانت الدعوةُ للنهوض والعملُ له وعليه شأنَ كلّ كبار أمتنا العربية وفي طليعتهم كان الصديق عبد العزيز سعود البابطين الذي ظلّ دوماً وفياً لوطنه ولأمته العربية.

أيها الإخوة والأخوات،

وإذا كان النهوضُ العربيُّ خياراً لا بديلَ عنه، فهو أيضاً تحدٍ كبير لثلاثة أسباب: أولُها العقباتُ والإعاقاتُ الكثيرة التي أحاطت بهذه الأمة منذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم.

إنّ أمتنا ما عرفت السلام الضروريَّ للعيش الكريم قبل أن يكونَ ضرورياً للتنمية المستدامة التي تصنعُ الحياة الجديدة. نحن نشهد ونشاهد حربَ العقاب الجماعي والإبادة الشعواء والوحشية للشعب الفلسطيني التي يشنّها العدو الإسرائيلي على غزة وعلى فلسطين. لكنها ليست الحربَ الوحيدة التي تعاني منها أمتنا، بل إنّ الاضطراب الأمني والعسكري والسياسي والاقتصادي ينتشر في أنحاء عربية عديدة فيما بين المحيط والخليج.

أما السببُ الثاني لكون النهوض تحدياً فيتمثَّلُ في ما يشكِّله المحيط الإقليمي والدولي من ضغوط وإرغاماتٍ تُمارسُ على دولنا العربية.

لستُ ممن يألفون حديثَ المؤامرة. غَيْرَ أني تولّيتُ مسؤولياتٍ جعلتني في قلب الأحداث فشهدتُ المؤامرةَ عن كثبٍ وعلى عدة مستوياتٍ كانَ منها المحليُّ، ولكنْ كان منها الإقليمي والدولي بالدرجة الأولى. ومن الطبيعي ما دام الامر كذلك أن لا يكونَ النهوضُ الوطني والقومي والاقتصادي سهلاً ولا ميسوراً، وهو يتطلَّبُ رؤيةً وإرادةً وقيادةً مصممة على خوض غِمارهِ وتحقيق النجاح.

والسببُ الثالث والأخير لكوْنِ النهوض تحدّياً يتمثل في الإعاقةِ الناجمةِ عن بعض السياسات، وكذلك الممارسات الخاطئة أو غير الملائمة في آنٍ معاً، والتي مورست في العديد من أقطارنا العربية، والتي نحن مسؤولون عنها في توجهاتنا الاقتصادية والتعليمية والثقافية والسياسية والأمنية والمؤسساتية والدينية، والتي أدَّت في كثيرٍ من الأحيان ليس إلى اختلال إدارة الدول الوطنية فقط، بل وإلى اختلال فكرة الدولة الوطنية ذاتِها.

أيها السيدات والسادة،

لقد اعتدتُ القولَ في الأزْمات إنّ الإرادة الوطنية والإنسانية البناءة والمبدعة والجريئة تستطيع أن تحوِّلَ التحدياتِ إلى فُرص. ويصعُبُ الحديثُ عن الفُرص وسْطَ الظُلُمات المدلهمة المحيطة بنا اليوم. لكنْ رغم ذلك تعالوا ننظُرْ في منافذ الضوء وسط العتمة. نحن نرى أنّ العالَم كلَّه يتجه إلينا كعرب، يريد أن يكونَ لنا دورٌ في قضية فلسطين من أجل استعادة فلسطينية وعروبة القضية بعد طول غياب.

هذا الغياب له أسبابٌ متنوعةٌ ذكرتُ بعضَها فيما سبق باعتبارها تحديات. ولكنّ التحدِّيَ الأكبر هو في اجتماعنا وائتلافنا. فالكاتب والمسرحي الإيطالي بيرانديللو وضع مسرحيةً بعنوان: "ست شخصيات تبحث عن مؤلّف". وهذه الشخصيات التي حاول بيرانديللو جَمْعَها، والمواءمةَ بينها تكاد تشبه ما ينبغي على كبار أمتنا الاجتماعُ عليه والنهوضُ به، وبالتالي تحمّل مسؤولياتهم لشقّ طريق إلى مستقبلٍ عربيٍّ تكاملي خالٍ من الحروب والمواجهات العبثية، وتسوده العدالة، واحترامُ حاضرِ الإنسان العربي ومستقبلِه، وهي من الشروط الضرورية لتحقيق السلام والاستقرار.

فإذا كان الآخرون يسألوننا عن الدور، فينبغي علينا نحن أن نضطلع به، وأن نعتبره مهمةٌ وواجبٌ علينا تأديتُه بكونه حاجةً وفعلَ إيمان، وليس فقط الدورَ الذي يأتي ويذهب. إنّه أيضاً الحقُّ الذي ينبغي أن يقترنَ بالاستحقاق، كما كان المفكر الكبير قسطنطين زريق يقول؛ وذلك لكي تصبح ضرورةُ الوجود والمصير مهمةً وخياراً وواجباً في آنٍ معاً لا مناصَ من السير فيها.

قد يقول البعض: لكنّ هؤلاء الذين يريدون وضعنا في المواجهة الآن، هم بالفعل الذين كانوا من أسباب ما نحن فيه؛ وهذا صحيح. لكنّ الاضطرابَ الضاربَ في فلسطين وغير فلسطين، من الأصدقاء والحلفاء وغير الأصدقاء والحلفاء، يزداد انتشاراً وإحاطةً بحيث يكونُ علينا أن نهبَّ هبةً واحدةً لنتحرَّرَ من حالةِ الشتات والتشرذم، ونُواجِهَ تفشِّيَ الصداماتِ والنزاعات التي تفتك بنا، ونتحرر من إرغامات الصراع الفكري والجدلي بين الحضارات، وأرزاءِ التجاهل والاستضعاف. فأولُ من يتضرر من الحروب وحالة الفوضى السائدة نحنُ، وأولُ من يستفيد من الاستقرار والسلام نحن أيضاً. فهي فرصةٌ ومهمةٌ ومسؤولية، في الحضور والفعالية، وهي فرصةٌ قد لا تتكرر.

النهوضُ بهذه المهمة في فلسطين لا يقتصر عليها رغمَ أَولويتها، لأنّ هناك بلداناً عربيةً أخرى تخوض في بحرٍ من الظلمات بسبب التدخلات أو سوءِ السياساتِ أو سوء الممارسات. إنّه حقٌ نتأهَّلُ لاستحقاقه في فلسطين، ثم يصير هذا الاستحقاق مظلةً لصنع وحداتٍ وطنيةٍ عربيةٍ بالتدريج، تتجاوز التدخلات، وتتجاوز قبل ذلك أوهام السلطة والاستئثار.

هل هو مشروعٌ خيالي أو مثالي؟ لا هذا ولا ذاك، لأنّ البديلَ هو الهلاكُ المحقَّقُ في فلسطين وغير فلسطين، واستمرارُ التآمر والتغوُّلِ للإطاحة بالبقية الباقية من واحات الاستقرار والكفاية في منطقتنا العربية، فضلاً عن الإطاحةِ بمستقبل الملايين من شبابنا في العالم العربي.

أيها الإخوة والأخوات،

لا تنمية بدون سلام، ولا سلام بدون عدالة. وهكذا يكونُ أوَّلَ واجباتنا صنعُ السلام. ولكي يصبح السلام مستقراً ومستداماً يجب ان يكون منطلقُه وغايتُه تحقيقَ العدالة. أما التنمية فهي سياساتٌ خالصة. هي قرارٌ وطنيٌ بالدرجة الأولى، وقرار استراتيجي اتخذَتْهُ لحُسن الحظ في السنوات الأخيرة عدة دولٍ عربية. وأنا أعرف ما أقول: فنحن في لبنان لم يكن المانعَ الأساسيَّ من السير في تنميةٍ نهضوية أطرافٌ خارجية فحسب، بل كان القسمُ الأكبرُ من الاستعصاء على الإصلاح داخلياً. وهو قد حصل وتسبّب بهذا الدمار الحالي والانهيار بفعلِ الانقسام الداخلي والقصور والتقصير والفساد الإداري والسياسي. وهو الأمر الذي سمح للتدخل الخارجي أن يتسرَّب إلى الداخل، وأن يتفاقم ويصبحَ الحالُ ما هو عليه اليوم.

أيها الإخوة والأخوات،

اسمحوا لي أنْ أُكرِّر: إنها فرصةٌ وتحدٍّ.

-هي فرصةٌ، لأنَّ التطرُّفَ المغامِر، من هنا وهناك وهنالك، قد بلغَ أقصَى تأزُّمه- وإنْ أزَّمَنا- وانكشفَ بوَصْفِه خطراً على العالم. وهو في تأَزُّمِه وانكشافِه قد ظهَّرَ- من حيث لا يدري أو لا يرغب- صحَّةَ خيارنا في فلسطين وسائر العالم العربي، بوَصْفِه الخيارَ الممكن والمنْصِف لكل العالم. وهو في ان يكون لهم وطنهم وتكون لهم الحرية والسيادة المستقلة وكما اكدت عليه المبادرة العربية للسلام في قمة بيروت في العام 2002.

-وهي تحدٍّ، لأننا إذا لم نُبادِرْ سنفشلْ في تحويلِ الحقِّ إلى استحقاق. ليس فقط في فلسطين، بل وأيضا في لبنان وفي كل دولة من دولنا العربية التي تزال تعاني من التدخلات الإقليمية والدولية، وكذلك من استمرار الاستعصاءات الداخلية على الإصلاح بما اصبح يحول دون تطبيق الحوكمة الصحيحة ودون تطبيق المساءلة والمحاسبة المؤسساتية والدستورية والقانونية الصحيحة وغير الشعبوية وكذلك دون تطبيق التداول السلمي للسلطة.

أيها الأحبة،

نحن في مناسبتين، وليس في مناسبةٍ واحدة. الأولى ذكرى الشيخ الجليل سعود البابطين، رجلِ النهوض والإعمار والازدهار. والثانية أننا كما أراد لنا الراحل الكبير نجتمع في مصر، في أرض الكنانة التي قادت نهوضاً عربياً كبيراً، وستخرج إن شاء الله من ضائقتها الاقتصادية بالرؤية الصحيحة والإرادة المصمّمة والشجاعة والقيادية الرشيدة، وستظلُّ مبعثَ آمالٍ لكلّ العرب.

وكما بدأتُ أختم: إنّه لا تنميةَ بدونِ استقرارٍ وسلام، ولا سلامَ بدون عدالة. فلنقِفْ على هاتين القدمين: قدمِ السلام وقدمِ التنمية، لكي يصبح التحدي فرصةً بالفعل، ويصبحَ الدورُ المُرادُ لنا مهمةً واستحقاقاً.

أحبائي،

لا رياحَ مؤاتيةً لمن لا أشرعةَ له. فلنبدأْ ببناءِ أشرعةِ العدالةِ والاستحقاق.

والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته.

كلمة فخامة إلير ميتا - رئيس جمهورية ألبانيا الأسبق

السيدات والسادة،

أصحاب الفخامة والمالي والسعادة،

الحضور الكريم،

"إن السلام ليس شيئًا تتمناه؛ بل شيء تصنعه، وشيء تفعله، وشيء أنت عليه، وشيء تتخلى عنه. "- كما قال جون لينون

السيد نائب رئيس مجلس أمناء "مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية" الأستاذ سعود عبدالعزيز البابطين،

السادة الضيوف الموقرون،

إنه ليشرفني كثيرًا أن أشارك اليوم في المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل.

وأود أن أعرب عن خالص امتناني لفخامة رئيس جمهورية مصر العربية، الرئيس عبدالفتاح السيسي، على استضافة هذا الحدث الهام، كما أخص بالشكر والتقدير أيضًا "مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية"، التي قررت، بعد وفاة رئيس مؤسسة البابطين الثقافية الراحل السيد عبد العزيز سعود البابطين المفاجئة وغير المتوقعة، الاستمرار في تنظيم المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل.

إن هذا المنتدى لا يُمثل فقط تكريمًا للتراث الثقافي أو التطلعات نحو تعزيز ثقافة السلام العادل التي كان يجسدها الراحل عبدالعزيز سعود البابطين، رحمه الله، ولكنه يمثل أيضًا استمرارًا لعمله الخيري وأفكاره ومبادئه وقيمه الإنسانية العديدة.

قال السيد عبد العزيز سعود البابطين: "إن بناء جسور التفاهم بين المجتمعات المتنوعة أمر ضروري لتعزيز ثقافة السلام والوئام".

وهو الأمر الذي تقوم به المنتديات العالمية لثقافة السلام العادل التي تنظمها "مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية" بشكل فعال من خلال الجمع بين الشخصيات البارزة والعلماء من مختلف الخلفيات ومن شتى دول العالم.

إن ثقافة السلام العادل هي مجموعة من القيم والمواقف وأنماط السلوك وطرق الحياة التي ترفض العنف وتهدف إلى منع نشوب النزاعات.

يشير السلام العادل إلى أن السلام لا يمكن تحقيقه من خلال الإكراه أو الإجبار أو الهيمنة، ولكنه يتطلب وجود مصالحة حقيقية وحوارًا وتفاوضًا وتعاونًا بين الأطراف المتنازعة والأفراد والجماعات والأمم على حد سواء.

لا يمكننا تحقيق السلام دون احترام لحقوق الإنسان وصونٍ للكرامة الإنسانية، وتعزيزٍ للعدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية، وضمانٍ لحصول جميع الأفراد على قدم المساواة على حقوقهم الأساسية المتمثلة في: الحق في الحياة، والحق في الحرية، والحق في الأمن.

لكننا بكل أسف أصبحنا نعيش اليوم في عالم مليء بالصراعات والحروب والظلم وعدم المساواة.

إن الأوضاع المأساوية التي نشهدها في أوكرانيا وغزة هي أمثلة واضحة على مدى هشاشة السلام، بل إن ما نشهده حاليًا يمثل فترة مأساوية ليس فقط بالنسبة إلى أوكرانيا وغزة والشعب الفلسطيني، ولكن بالنسبة إلى العالم بأسره.

إن جزءاً من التوصل إلى السلام العادل يستلزم الاعتراف بالوجود المشترك والتاريخ المشترك، حتى ولو كان هذا التوجه يسلط الضوء على خلافات خطيرة في حد ذاتها. ومن خلال هذا النهج، فإن حل الدولتين بالنسبة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء هو ما يمكن أن يعالج ماضي ومستقبل هاتين الدولتين، وهنا أود أن أعرب عن تقديري الشديد وبشكل خاص للجهود التي تبذلها مصر بقيادة رئيسها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.

فإن ما يحدث يدل مرة أخرى على أن الحرب يمكن أن تندلع في أي وقت وفي أي مكان في العالم.

ومع الأسف، فإن الأرقام الموجودة على أرض الواقع تثبت صحة هذا الكلام؛ ففي عام 2022 فقط، بلغ عدد النزاعات العنيفة التي اندلعت في جميع أنحاء العالم55 نزاعًا، وبالتزامن مع هذا العدد من النزاعات النشطة تضاعف عدد الوفيات في ذلك العام وحده.

بينما في عام 2023، ووفقًا لباحثي برنامج "بيانات الصراع في أوبسالا"، فإن هذا الاتجاه المظلم سوف يظل مستمرًا.

في الوقت نفسه، ووفقًا للبنك الدولي، تشير التقديرات إلى أن 80 ٪ من الاحتياجات الإنسانية مدفوعة بانتشار النزاعات المسلحة العنيفة، والتي يكون للأسف النساء والأطفال هم الأكثر تضررًا فيها.

وعلاوة على ذلك، فإن الصراع "سبب رئيسي للانتكاسات التي يتعرض لها النمو الاقتصادي في العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل".

إذا استمرت التوجهات الحالية المتزايدة نحو الصراعات العنيفة، فإن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدر أنه بحلول عام 2030 سيعيش أكثر من نصف فقراء العالم في بلدان متأثرة بمستوى عالٍ من العنف، ونتيجة لذلك سيكونون أكثر فقراً.

إننا نشهد في الوقت الحاضر زيادة في التوترات العالمية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين، مما يجعل من الصعب تنظيم العمليات الفعالة التي تقوم بها الأمم المتحدة.

هناك أيضًا حالة من العودة إلى الصراعات الدولية؛ خاصةً في ظل وجود دولتين تتقاتلان فيما بينهما، وهو أمر الذي نراه مقلقًا للغاية بالنسبة للسلام الدولي.

وفي حين أن التنافس الجيوسياسي بلغ ذروته، فمنذ نهاية الحرب الباردة، يمكن ملاحظة ظهور موجة من التحولات في العديد من البلدان في جميع مناطق العالم، مثل انخفاض جودة الأنظمة الديمقراطية، وصعود الحركات والقادة القوميين والسلطويين في كثير من الأحيان، وزيادة القيود المفروضة على الجهات الفاعلة في المجتمع المدني (" تقلص المساحات المدنية ") وما إلى ذلك.

وتشير التقديرات في الوقت الحالي إلى أن ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم يعيشون في بلدان تسيطر عليها أنظمة استبدادية.

علاوة على ذلك، أصبحنا نعيش في عالم يمكن أن يؤدي فيه التدهور البيئي ونُدرة الموارد إلى تفاقم حدة النزاعات، لا سيما في المناطق الغنية بالموارد والتي يمكن وصفها في الوقت نفسه بأنها مناطق مهمشة اقتصاديًا.

وتشهد درجات حرارة كوكبنا ارتفاعات غير مسبوقة كل عام، ويبدو بكل أسف أننا اعتدنا على قبول تحطيم الأرقام القياسية السلبية لارتفاع درجة حرارة كوكبنا الأرض.

إننا نشعر جميعًا بتأثير التغيرات المناخية التي تشهدها بلداننا، ولقد اشْتُهِرَ عام 2023 بأنه العام الذي شهد موجات حر شديدة وارتفاع ملحوظ في مستوى سطح البحر وتعدد الكوارث الناتجة عن الفيضانات والأعاصير والعواصف التي أثرت على الملايين من السكان في جميع أنحاء العالم، وخاصة في البلدان النامية.

لقد فقد ما لا يقل عن 30% من الأشخاص أرواحهم - مقارنة بعام 2022 - نتيجة للعديد من الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات وحرائق الغابات والأعاصير والعواصف والانهيارات الأرضية على مستوى العالم في عام 2023. (بحسب منظمة Save Children)

بينما وفقًا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن ما يصل إلى 828 مليون شخص، أو حوالي 10 ٪ من سكان العالم، يتأثرون بشكل أو بآخر بحالة الجوع.

وقد أدت الصدمات الاقتصادية والظواهر المناخية العنيفة والصراعات؛ مثل الحرب في أوكرانيا، إلى وضع العديد من القيود على إمدادات الغذاء العالمية، وإلى موجة ارتفاعات جنونية في الأسعار، وشكلت بذلك تهديدًا للسكان والدول الضعيفة.

يبدو أن المستقبل يتجه بكل أسف إلى أن يكون أكثر كآبة؛ وتشير التقديرات إلى أن التغيرات المناخية وفقدان التنوع البيولوجي سيؤديان إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية بنسبة تصل إلى 20 ٪ بالنسبة إلى مليارات الأشخاص ذوي الدخل المنخفض، مما سيؤدي نتيجة لذلك إلى المزيد من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، ليس فقط داخل هذه البلدان، ولكن في بقية العالم أيضًا.

ليس هناك خلاف على أن السلام هو أحد الركائز الرئيسية لبرنامج الأمم المتحدة لعام 2030 الذي يؤكد على أنه بدون التنمية المستدامة لا يمكن أن يكون هناك سلام، وبدون السلام لا يمكن أن تكون هناك تنمية مستدامة.

وتُظهر البيانات أن السلام هو في نهاية المطاف "محدد رئيسي" لجميع التهديدات والتحديات التي تتناولها أهداف التنمية المستدامة، "بداية من انتشار الأمراض المزمنة، ومرورًا بمعدلات الفقر المنتشرة بين الأطفال، ووصولًا إلى التدهور البيئي".

لسوء الحظ، يبدو أن 15 ٪ فقط من أهداف التنمية المستدامة المتفق عليها في عام 2015 من المقرر تحقيقها بحلول عام 2030.

هناك بعض الأسباب لحدوث ذلك، والتي تشمل: انتشار النزاعات المسلحة العنيفة في جميع أنحاء العالم، والغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب في حدوث حالة من انعدام الأمن الغذائي وأمن الطاقة لملايين البشر؛ وتفشي فيروس كورونا الذي تسبب في إبطاء حركة التنمية الاقتصادية؛ والتدهور البيئي والتغيرات المناخية التي تسببت أيضًا في حالة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار.

إن الفقر، وعدم المساواة، والظلم، وعدم الوصول إلى الموارد، والتدهور البيئي، والصراعات هي عوامل أساسية شائعة يجب معالجتها من أجل تحقيق كلًا من السلام العادل والتنمية المستدامة.

كيف يمكننا العمل معًا لتحقيق سلام عادل؟

أولاً- تلعب المؤسسات السياسية وأنظمة الحكم دورًا حاسمًا في تعزيز السلام العادل من خلال ضمان تحقيق المساءلة والشفافية والشمولية وسيادة القانون.

ويُعد الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان والعمليات السياسية التي تجمع شتى الأطراف أمرًا ضروريًا في طريق بناء الثقة وتعزيز المشاركة المدنية وتعزيز التماسك الاجتماعي.

ويمكن للإصلاحات السياسية التي تعالج الفساد وتعزز الحكم الرشيد وتحمي حقوق الفئات المهمشة أن تساعد في منع نشوب تلك النزاعات.

ثانياً: نحن بحاجة إلى مؤسسات قوية وتتمتع بقدر من الشفافية وأن تكون حامية للعدالة والمساءلة.

يمكننا أن نوطد السلام وأن نضع الأساس لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل من خلال الاستثمار في بناء قدرات المؤسسات، من الأنظمة القضائية إلى وكالات الخدمة العامة

ثالثًا: إن للسلام العادل تأثيرًا قويًّا على التنمية الاجتماعية، وتكمن العدالة الاجتماعية في صميم أي مجتمع مسالم حقًا.

ولهذا نحتاج إلى القضاء على التمييز، وتعزيز المساواة وتمكين المجتمعات المهمشة وتمكين كل شخص من تحقيق إمكاناته.

رابعًا- تلعب الثقافة دورًا محوريًا في تعزيز السلام العادل من خلال تعزيز التفاهم والتعاطف والاحترام المتبادل بين المجتمعات المتنوعة.

يتطلب السلام الحقيقي غرس ثقافة التسامح والتفاهم والحوار - تلك الثقافة التي تحتضن التنوع كمصدر للقوة بدلاً من كونه مصدرًا للصراع - وإني أفتخر كثيرًا حين أقول إن ألبانيا تقدم للعالم مثالًا رائعًا على انسجامها الديني وتسامحها.

أخيراً- غالبًا ما تكون عدم المساواة الاقتصادية والإقصاء من الأسباب الجذرية لنشوب الصراعات وظهور حالة من عدم الاستقرار، لذا فإنه من الأهمية بمكان معالجة الفوارق الاقتصادية وضمان وجود سياسات اقتصادية شاملة تفيد جميع أفراد المجتمع لتعزيز السلام العادل

يمكن أن يساعد الاستثمار في التعليم والرعاية الصحية والبنية التحتية وتعزيز ريادة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة ودعم التنمية المستدامة والإدارة المسؤولة للموارد في الحد من الفقر وعدم المساواة، وأن تسهم كذلك في التخفيف من حدة النزاعات البيئية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل.

في الختام، أود أن أقول إنه لا ينبغي لنا أبدًا أن نعتبر السلام أمرًا مُسَلَّمًا به. يجب أن نعمل بلا كلل وبلا ملل في جميع القطاعات والتخصصات، وأن نعمل على إشراك جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والحركات الشعبية والمجتمعات المحلية لتحقيق سلام عادل وصنع عالم أفضل.

وأود مرة أخرى أن أتقدم بخالص التعازي والمواساة لوفاة الراحل عبدالعزيز سعود البابطين، رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية، إلى عائلته الكريمة، وأقاربه، وجميع الزملاء والأصدقاء. ولا أستطيع أن أنسى اللقاء الذي جمعني به في ألبانيا، وسأتذكر دائما زيارته لألبانيا وكلماته الحكيمة عن ثقافة السلام. رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى، وألهَمَ أهله وأصدقائه وزملائه الصبر والقوة والعزم على مواصلة الطريق الذي فتحه لنا جميعًا وأن يستمروا في إثراء إرثه الكبير.

شكراً لكم!

كلمة معالي مرزوق الغانم - رئيس مجلس الأمة الكويتي الأسبق

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأخوة والأخوات.. السادة الحضور

السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته..

نلتقي معكم اليوم في النسخة الثالثة للمنتدى العالمي للسلام تحت عنوان: السلام من أجل التنمية.. ولا يسعني في مناسبة كهذه إلا أن أستذكر دور مؤسس المنتدى العالمي للسلام المغفور له بإذن الله العم عبدالعزيز سعود البابطين فهو بحق كان شخصيةً عالميةً وصانع سلام.. ورجل تنمية وما اجتماعنا في هذا المكان الثقافي إلا خيرُ شاهد على ذلك.

لله درك يا عم عبدالعزيز البابطين

لعمرك ما الرزية فقد مال

ولا شاة تموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد حر

يموت لموته خلق كثير

الأخوات والإخوة

لقد نلت بفضل من الله شرف تمثيل الشعب الكويتي في البرلمان ما يقاربُ ثمانية فصول تشريعية، رئيسًا في ثلاثة منها

خلال هذه الفترة ألقيت الكثير من الكلمات والخطب في محافل دولية ومحلة الأمم المتحدة، الاتحاد البرلماني الدولي، البرلمانات الصديقة والشقيقة، خطابات أمام أصحاب الجلالة والسمو والفخامة قادة دول مجلس التعاون الخليجي.. وغيرها من المناسبات.

لكني أصدقكم القول بأني وجدت صعوبة كبيرة جدًا في كتابة كلمتي اليوم.. صعوبة لأن كلمات وحروف لغة الضاد بما رحبت قد تعجز أن توفي هذه القامة حقها من التقدير.

ويا لها من قامة.. عبدالعزيز سعود البابطين

لذلك اسمحوا لي إني ما أتحدث لكم اليوم عن العم..

ولا راح أتكلم عن الوجيه بوسعود

أو رجل الأعمال

أو الأديب والشاعر والقناص

أو المحسن الكبير وداعية السلام والمثقف والعروبي وصاحب الأيادي البيضاء والوطني الغيور والأب الحنون.

هاذي صفات أغلب من في هذه القاعة يعرفها وعاش جزءًا كبيرًا منها وتحدث الأفاضل قبلي عنها.. لو أسال كل واحدٍ فيكم لوجدتُ لديه قصة شخصية مع هذا الرجل النادر.

أنا اليوم أبي أتكلم عن الشاب عبدالعزيز البابطين حتى يتعلم جيل الشباب من سيرة هذا الرجل ويأخذوا العبرة منها..

وحتى تبقى قصته مصدر إلهام..

وهي كذلك مصدر إلهام وفخر وعز لا لأهله فقط بل لنا جميعًا

فما أحوجنا اليوم إلى قدوات..

ولله درك يا عم عبدالعزيز البابطين.. يا لها من سيرة

إذا كانت النفوس .. تعبت في مرادها الأجسامُ

أبي بس جيل الشباب يتخيلون معاي الشاب عبدالعزيز البابطين وهو يتنقل في سكيك المرقاب وجبلة فتى كويتي ذو وجه شاحب وبنيةٍ ضعيفة.. يقول العم رحمه الله أن لما اشتغل في أول وظيفة كان وزنه 45 كيلو

ومع ذلك كان يعمل في ثلاث وظائف في نفس الوقت

ومن يقول إن الشغل عيب؟

وهل هناك أجمل من الجد والكفاح من أجل لقمة العيش الشريفة؟

وهو توجد تنمية من دون عمل جاد ومثابرة

الشاب عبدالعزيز البابطين لم يرث مالًا .. ومع ذلك كان شديد الافتخار بما ورثه من والده من سمعة عطرة وأخلاق حسنة وهي كذلك.

لم يكن هذا الشاب مفتونًا بالمال بقدر عشقه للتكافل والمحبة وروح الأسرة الواحدة التي كانت بين الناس في أيام الفقر.

الشاب عبدالعزيز البابطين كان يؤخر عن السكة تقديرًا واحترامًا أهو وربعه لما يمر أي شايب بالفريج لأنهم يعتبرون كل شايب أبًا للجميع.. كان مفتونًا بأخلاق الأولين.

وليتك يا عم عبدالعزيز البابطين معانا اليوم بس حتى تشوف إن كل من في هذه القاعة يعتبرك أبًا ووالدًا..

ليتك معانا حتى تعطينا فرصة أخرى لكي نفسح لك الطريق احترامًا وإجلالًا وتقديرًا لمقامك الكبير

هل تتخيلون معاي انجازات هذا الشاب النحيل

من متى كان وزن الإنسان أو بنيته انعكاسًا لإرادته..؟

عبدالعزيز البابطين انعكاسٌ لصلابة الشخصية الكويتية..

الشخصية الكويتية التي تتوق إلى استكشاف كل المتغيرات دون الإخلال بالثوابت

الشخصية الكويتية المبنية على تناسق بين إيمان العقيدة، وحداثة العلم.

الشخصية الكويتية التي تضع مصلحة الوطن فوق كل مصلحة وتعمل من أجمل لقمة العيش بنزاهة وشرف

الشخصية الكويتية التي تعتز بنفسها دون انغلاق وتنفتح على الآخرين دون انبهار، وتحترم الشعوب الأخرى وتحاورها من غير أن تنصهر فيها أو تعاديها.

أو ليست هذه أخلاق رجال السلام.

رحل عنا هذا الرجل العصامي وها نحن نجتمع اليوم في هذا الصرح الثقافي العالمي الذي تركه لنا على سيف الكويت بجوار قصر الحكم خلده لنا هذا الشاب النحيل

مكتبة عظيمة حافظت على اللغة العربية والشعر العربي.

لله درك يا عم عبدالعزيز البابطين

ليس الحياة بأنفاس ترددها إن الحياة حياة الجد والعمل

رحل عنا العم عبدالعزيز سعود البابطين تاركًا لنا أشجار السلام التي زرعها في أغلب بقاع الأرض..

رحل عنا عبدالعزيز البابطين وأورثنا آلاف الكتب التي حفظها من الزوال ونسألُ الله أن يشفع له هذا العلم الذي ينتفع به.

رحل عنا العم عبدالعزيز البابطين مخلفًا وراءه آلافًا من البعثات الدراسية التي أسسها

ونسألُ الله أن تكون لي ميزان أعماله.

رحل عنا عبدالعزيز البابطين تاركًا ذريةً كريمةً وأخوة أعزاءَ وأخوات فضالات يسيرون على نهجه ودربه..

رحل ابن المرقاب الأصيل..

وإذا ابن المرقاب الأصيل..

وإذا بجامعة أكسفورد تنقش على جدرانها ثلاثة أبيات كتبها لتبقى شاهدة على أثره ومناقبه..

خلّد سجلّك فالبقاء قليل

إن الزمان بعمره لطويل

واسكب عطاءك للجميع فإنه

يبقي العطاء وغيره سيزول

واعلم بأن المرء يفقد قَدْره

إن عاش بين الناس وهو بخيل

أنا على المستوى الشخصي عرفته كوالد وكناصح وموجه وداعم ومؤيد ومدافع خصوصًا في أوقات الشدائد.. وتعرفون السياسي مرات يلمع نجمه ومرات يخبو بريقُه.. مرات يصفقون له ومرات يهاجمونه لكن العم بوسعود كان يتجلى في الشدائد والأزمات لما يشتد الضرب يأتي اتصاله أو تشجيعه ليعطيك مساحةً استثنائيةً من الأمل والعمل من جديد..

أفضاله علي لا ينكرها إلا جاحد ومهما أقول عنه لن أفيه حقه

الناس للناس مادام الوفاء بهم

والعسر واليسر أوقات وساعات

وأكرم الناس ما بين الورى رجل

تقضى على يده للناس حاجات

لا تَقْطَعَنَّ يَدَ المعروف عَنْ أَحَدٍ

ما دُمْتَ تَقْدِرُ فالأيام تَارَاتُ

واشْكُرْ فضيلة صُنْعِ الله إِذْ جَعَلَتْ

إِلَيْكَ لا لَكَ عِنْد الناس حَاجَاتُ

قد مات قوم وما ماتت فضائلهم

وعاش قوم وهم في الناس أموات

ختامًا أقول..

لدينا مشاريع سلام كثيرة واتفاقيات سلام عديدة

وقليل ما هم رجال السلام

ولدينا خطط تنمية متنوعة وأفكار تنموية متعدد.. وقليل منا يمارس التنمية كأسلوب حياة

ولدينا تجار كثر ورجال أعمال كثر وعبدالعزيز البابطين واحد..

لله درك يا عم سعود.. فقد اتعبت من بعدك

كلمة معالي الدكتورة نيفين الكيلاني - وزيرة الثقافة المصرية

معالي الوزير عبد الرحمن المطيري، وزير الإعلام والثقافة بدولة الكويت الشقيقة

أصحاب المعالي والسعادة الوزراء والسفراء

أصحاب السعادة ضيوف مصر الأعزاء

السيدات والسادة الحضور

أسعد الله صباحكم بكل خير...

يسعدني ويشرفني أن أرحب بحضراتكم في مستهل هذه المنتدى العالمي الذي يشرفٌ برعاية كريمة من فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية. هذا المنتدى الدولي المهم الذي تنظمه مؤسسة البابطين الثقافية بالتعاون مع وزارة الثقافة المصرية ممثلة في المجلس الأعلى للثقافة. ويسعدني في هذا المقام أن أرحب – بصفة خاصة – بضيوفنا الأعزاء من مختلف دول العالم، فأهلا وسهلا بكم في مصر، متمنية لحضراتكم إقامة سعيدة هانئة بإذن الله.

إنه لمن دواعي سرورنا أن ينعقد المنتدى العالمي الثالث لثقافة السلام العادل بالقاهرة بالشراكة مع مؤسسة عبد العزيز البابطين بدولة الكويت الشقيقة، باعتبارها واحدة من أهم المؤسسات الثقافية في الوطن العربي. هذه المؤسسة التي أرسى دعائمها وكرس لنجاحاتها مؤسسها وراعيها المغفور له السيد عبد العزيز سعود البابطين الذي غادر عالمنا منذ أسابيع قليلة، ليكون المنتدى هو الفعالية الأولى التي تقام بعد رحيله وهو الذي كان حريصا على تكون القاهرة مقرا لانعقاده. ولا يفوتنا ما يدلل عليه ذلك من المكانة التي احتلتها مصر في قلب الراحل الكبير.

السيدات والسادة...

إن كان هذا المنتدى يتخذٌ من السلام مرتكزًا رئيسيًا لفعالياته، فإن الثقافة تلعب دورًا محوريًا في تعزيز ثقافة السلام، فهي تُشكل منظومة القيم والمعتقدات والسلوكيات التي تُشكل هوية أي مجتمع. ولذلك، فإنّ تعزيز ثقافة السلام يتطلب العمل الدائم والمستمر على دعم تلك المنظومة لخلق بيئة تُقدّر الحوار والتعايش والتسامح. ويتم تحقيق ذلك من خلال الفنون والأدب والسينما والموسيقى، التي تُسهم في نشر الوعي بأهمية السلام واحترام حقوق الإنسان والتعايش السلمي وبناء جسور التواصل بين الثقافات.

وتقوم السياسة الثقافية في مصر على تكريس قيم التسامح والتنوع وقبول الآخر، ويأتي ذلك متسقا مع توجهات الدولة المصرية كما انعكست في رؤية مصر 2030. حيث نص المحور الثقافي في هذه الرؤية على إيجاد "منظومة قيم ثقافية إيجابية في المجتمع المصري تحترم التنوع والاختلاف".

وفي سبيل تحقيق تلك الرؤية، تولي السياسة الثقافية في مصر اهتماما كبيرا لنشر ثقافة السلام وتعزيز التسامح والحوار بين الثقافات، يتم ذلك من خلال فعاليات وأنشطة مختلفة تتوفر عليها هيئات الوزارة وقطاعاتها المختلفة.

حيث تقوم الوزارة بإنتاج العشرات من الأعمال المسرحية وتنظيم المئات من الحفلات الموسيقية وعروض الأوبرا وكذلك معارض الكتب والفنون التشكيلية. إضافة إلى العديد من الندوات والمحاضرات والصالونات الفكرية والمؤتمرات التي تستقطب كبار المثقفين والمفكرين والأكاديميين والمبدعين، تشجع جميعها على الحوار ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ونشر الوعي بنبذ التعصب والتمييز وتعزيز قيم العدالة الاجتماعية وثقافة احترام القانون وحقوق الإنسان وتكريس بناء جسور التواصل بين الثقافات.

ولا يقتصر الأمر على القاهرة الكبرى والمدن الكبرى في مصر، بل تقوم قطاعات الوزارة وهيئاتها، كل في مجاله، على نشر هذه الثقافة والفنون في كافة ربوع مصر ريفها وحضرها وساحلها ووصولا بمنتجها الثقافي إلى مناطقها النائية. ويركز المنتج الثقافي في هذه الأقاليم على إنتاج أعمال فنية نابعة من هذه المناطق، تتناول حياة المواطنين فيها وتعرض لعاداتهم وتقاليدهم وتجسد لهجاتهم وتطرح تطلعاتهم وطموحاتهم. يأتي ذلك إيمانا بأن تأكيد الهوية في الفنون النابعة من هذه البيئات والاهتمام بالتركيز على التميز في العادات والتقاليد واللهجات فيها يرسخ مفهوما عظيما للتعددية والتنوع الثقافي بما يمثله من إثراء وقوة للمجتمع.

وفي أطار نشر هذه الثقافة أيضا، تقوم وزارة الثقافة بتنظيم العديد من الفعاليات الثقافية والفنية الدولية، يأتي في مقدمتها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يُعد من أقدم المهرجانات السينمائية في العالم العربي، .مهرجان المسرح التجريبي، وكذلك، مهرجان الموسيقى العربية، ملتقي القاهرة للرواية العربية، ومنها أيضا بينالي القاهرة الولي للتصوير. وتشهد كل فعالية من هذه الفعاليات مشاركات من مئات المثقفين والفنانين والمبدعين من مختلف دول العالم وتهدف جميعها إلى تعزيز قيم السلام والتسامح وقبول الآخر.

وتشارك وزارة الثقافة المصرية في العديد من الفعاليات الثقافية العربية: حيث تشارك بشكل منتظم في مهرجان قرطاج الدولي في تونس، ومهرجان جرش للثقافة والفنون في الأردن، ومهرجان القرين الثقافي في دولة الكويت ومعرض الشارقة الدولي للكتاب في الإمارات العربية المتحدة وغيرها.

كما يتم تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة مع العديد من المؤسسات الثقافية العربية. ففي سبتمبر الماضي استضافت القاهرة احتفالية إطلاق التقرير العربي الثاني عشر للتنمية الثقافية بالتعاون بين المجلس الأعلى للثقافة ومؤسسة الفكر العربي ببيروت. وبعد أيام قليلة، تستضيف القاهرة ملتقى الشارقة للتكريم الثقافي بالشراكة بين المجلس الأعلى للثقافة مع دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة للسنة الرابعة على التوالي.

ولعل آخر واهم الفعاليات التي تم تنظيمها في إطار التعاون الثقافي هو معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين، تلك الدورة التي شهدت مشاركة غير مسبوقة من حيث أعداد الدول المشاركة التي قدرت بسبعين دولة أو من حيث أعداد دور النشر المشاركة والتي بلغت 1200 دارًا للنشر، وأخيرا من حيث عدد الحضور الذي اقترب من 5 ملايين زائر في أقل من أسبوعين محققا رقما قياسيا لم يتم تسجيله من قبل.

السيدات والسادة....

ونحن إذ نعتز بهذا التعاون مع المؤسسات الثقافية في كافة الدول العربية الشقيقة، نتطلع إلى مزيد من التعاون مستقبلا في مجالات الانتاج المشترك والنشر والترجمة، وإقامة الفعاليات والمعارض والمهرجانات التي تسهم جميعها في ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والتعايش.

ويأتي تنظيم هذا المؤتمر بالشراكة بين مؤسسة البابطين والمجلس الأعلى للثقافة ممثلا عن وزارة الثقافة تجسيدا حقيقيا لتعاون عربي ثقافي نحرص دائما على تعزيزه. ونود في هذه السياق أن نؤكد على أهمية تعاون وزارة الثقافة المصرية مع المؤسسات الثقافية العربية، من خلال تبادل الخبرات والتنسيق في تنظيم الفعاليات الثقافية، تعزيزا للتعاون العربي في المجال الثقافي.

في الختام، أود أن أتوجه بالشكر والتقدير لكل القائمين على تنظيم هذا المنتدى من مؤسسة سعود عبد العزيز البابطين الثقافية ومن المجلس الأعلى للثقافة، وأكرر الترحيب بضيوف مصر الأعزاء وأتمنى لكم جميعا مؤتمرا مثمرا وناجحا بإذن الله.

خالص الشكر لحضراتكم ... والسلام


































bottom of page