top of page

محاضرة افتراضية بعنوان "باقة نقد وطاقة شعر"، قدمها د. سالم خداده

محاضرة افتراضية بعنوان "باقة نقد وطاقة شعر"، قدمها د. سالم خداده

قال د. سالم خداده إن الشعر الحقيقي فيه لمسات ومنها لمسة الغموض، لافتا إلى أن الكلام الجميل هو أصل البلاغة.

أقامت رابطة الأدباء الكويتيين، عبر صفحتها في "إنستغرام"، محاضرة افتراضية بعنوان "باقة نقد وطاقة شعر"، قدمها د. سالم خداده، وحاورته عضوة مجلس إدارة الرابطة جميلة سيد علي.

واستهل د. خداده حديثه حول كيفية اتجاهه إلى كتابة دراسة تفصيلية عن الحركة الشعرية في الكويت من أواخر ثلاثينيات القرن الماضي إلى عام 67، والتركيز على دراسة التيار التجديدي في الشعر الكويتي، ليقول: "طبعا تلك الدراسة لها حكاية بدأت عندما كنت مدرسا، ثم حصلت على بعثة الدراسة في مصر، والتقى الشاعر البحريني إبراهيم العريض الذي كان يزور الكويت وجلسنا معه، وفكرت في أن أقوم بدراسة الماجستير عن أشعاره، وذهبت إلى البحرين وقابلته وجلست معه، وأخذت إنتاجه الشعري والنقدي، وعندما ذهبت إلى القاهرة وقابلت المشرف الذي لم يوافق على هذا الأمر، وكانت هناك فكرة ورأي بأن تكون دراسة عن الأموات وليس عن الأحياء، وتلك برأيي قضية ليست صحيحة منهجيا".

وتابع: "أثناء تلك الفترة كنت متصلا برابطة الأدباء كثيرا، وأشارك في بعض الأمسيات الشعرية مع كبار الشعراء في تلك الفترة، فتسرب إلى ذهني أن أتجه إلى الشعر في الكويت، وعند بحثي رأيت أن هناك رسائل قد قدمت عن هذا الموضوع، ورأيت أن تلك الدراسات إما قدمت بقضية عامة عن الشعر بكامله ويركز على الشعراء الكبار، ولاحظت أن هناك شيئا يجب أن يدرس في الشعر الكويتي، وهو متى بدأت حركة التجديد الفعلية، والسؤال هذا دفعني إلى أن أضع منهجا وأقدمه للمشرف فوافق عليه، فكانت هذه الدراسة".

تيار التجديد

وأوضح د. خداده أن اتجاه التجديد الذي يقصده هو التحول من التيار التقليدي إلى النبض الرومانسي في قصيدة الكويت، مقسما التيار التجديدي إلى مرحلتين رئيسيتين، الأولى كانت منذ أواخر الثلاثينيات حتى الخمسينيات تقريبا عندما توفي العسكر في سنة 1951، وكان العسكر ومعه العدواني ثم عبدالمحسن الرشيد، وكان الرشيد على معرفة بفهد العسكر ويجلس معه.

وأشار إلى أن الرشيد شاعر رائع جدا مع أنه ليس لديه إلا ديوان واحد، مضيفا أن "هذا الشعر كما نراه مختلف عن قصائد المديح، والاجتماعية والسياسية، فكما نرى خرج الشعر بإطار آخر، حيث بدأ الشعراء يلجأون إلى الطبيعة والشكوى والتمرد عليها، من خلال الغزل كما فعل فهد العسكر.

مذكرات بحار

وأفاد د. خداده بأن تلك الفترة درسها في مرحلة أولى عندما استقلت الدولة وجاء التيار بروح أخرى تجديدية، ولكن بدأت حركة الشعر الحر تظهر، وتتنوع المواضيع، وأصبح بناء القصيدة مختلفا لأنها انتقلت إلى قصيدة الشعر الحر، وتابع: "صحيح أن القصيدة العمودية ما زالت، ولكن قصيدة الشعر الحر جاءت قوية، وجاءت مع أحمد العدواني ثم شاركهم محمد الفايز وعلي السبتي".

وأضاف أن السبتي قد يكون أول شاعر كويتي كتب قصيدة التفعيلة، لكن الفايز نجح نجاحا باهرا في "مذكرات بحار"، لأن الكثير من الشعراء لم يلتفتوا إلى هذا الموضوع ولم يعطوه عنايتهم، والفايز توجه إليه وأبرزه، فقد أحيا أمرا جميلا أعجب الكثير، مبينا أن الشعر الحر ظهر والموضوعات اختلفت.

ولفت إلى انه درس هذا التيار إلى 1967، وتوقفت عند هذه الفترة التي تضمنت خمسة شعراء وهم فهد العسكر، وأحمد العدواني، وعبدالمحسن الرشيد في الفترة الأولى، ومن ثم علي السبتي، وأحمد العدواني تكرر في الفترة الثانية، وسبب تكراره أنه شاعر يتجاوز المراحل، وهو أعمق الشعراء الكويتيين فكرا وفلسفة، مضيفا أن تلك فترة التيار التجديدي.

شعر جميل

وذكر د. خداده انه حتى بعد فترة الدكتوراه رجع إلى بعض الشعراء الذين ظهروا بعد 67، ولذلك توقف عند خالد سعود الزيد بدراسة مستقلة، وعبدالله العتيبي، وخليفة الوقيان، لافتا إلى أنه الآن في إطار دراسة يعقوب السبيعي، وأكد أن الشعر الكويتي جميل ويجب أن يدرس، واستذكر الشاعر عبدالله العتيبي الذي كان أول شخص أمسك بيديه في الرابطة وقدمه خلال أمسية شعرية.

وعن غموض الآداب، وموقفه من تلك الظاهرة الشعرية في النقد العربي الحديث، قال: "كان هناك كلام كثير عن غموض القصيدة، وأنا أردت أن أعرف موقف النقاد فعلا، وثانيا هل في الشعر العربي توقف النقاد القدماء عند غموض الشعر أم أن هذا كلام جديد الآن؟ وأنا ذهبت بدراسته إلى القديم أولا فوجدت أنه فعلا القدماء توقفوا عند الغموض بشكل رائع، وميزوا بين أمرين: الغموض والإبهام، وهذا الكلام واضح عند أقدمهم كما قال إسحاق الصابئ: أفخر الشعر ما غمض".

وبين أن الشعر الحقيقي فيه لمسات ومنها لمسة الغموض، لافتا الى أن هذا الكلام الجميل هو أصل البلاغة، وفنون البلاغة نفسها في اللغة العربية نجد أن الغموض موجود فعليا بها، فعندما نتكلم عن التشبيه الضمني والتمثيلي، أو الكناية، نجد انه في التشبيه الضمني لا يوضع المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في التركيب، وهذا يعنى أن هناك غموضا.

هياكل النور
خلال المحاضرة، ألقى د. خداده مقتطفات من قصائد الشاعر عبدالله العتيبي ليقول:

نحن نبني هياكل النور لكن/ كم ضياء بنا وأدنا انبثاقه/ كلما لاح في سمانا هلال/ واستوى بدره صنعنا محاقه/ ايه يا صوتنا القديم أغثنا/ قبل أن ندمن الدجى وانغلاقه.

وألقى ايضا قصيدة للدكتور خليفة الوقيان ومن أجوائها:

غريبٌ إنْ مضيتُ وإنْ أتيتُ/ وناءٍ إنْ دنوتُ وإن نأيتُ/ أُقَلِّبُ في وجوه الناسِ طَرْفي/ وأسألُ في الدروبِ إذا مَشيتُ/ وكُلٌّ يبتغي في السيرِ قصدًا / وأسعى لستُ أعرفُ ما ابتغيتُ.

واقتبس من شعر يعقوب السبيعي ليقول: "نثرت بليلك الشهبا/ وسقت لعشبك السحبا/ وعينك كلما ظمئت/ عصرت لأجلها العصبا/ وكم مر الشتاء بنا/ وكنت النار والحطبا".

المصدر:

bottom of page