top of page
  • Facebook
  • X
  • Youtube
  • Instagram

الرواية الجزائرية بالفرنسية: غنيمة حرب أم حقّ مكتسب؟

الرواية الجزائرية بالفرنسية: غنيمة حرب أم حقّ مكتسب؟

حين نتحدث عن الرواية الجزائرية، لا نقصد بالضرورة تلك المكتوبة باللغة العربية، فهذه لم تظهر إلا في سبعينات القرن الماضي على يد الروائي عبد الحميد بن هدوقة (1925- 1996) بفضل روايته "ريح الجنوب" (1970)، أول رواية جزائرية تكتب بالعربيةحسب مؤرخي الأدب ودارسيه، بل نقصد أيضا الرواية المكتوبة بالفرنسية الأقدم في الوجود والأكثر تأثيرا وتكرّسا بفضل نصوص بلغ بعض أصحابها مصاف العالمية على غرار مولود معمري ومولود فرعون ومحمد ديب وأسيا جبار ورشيد بوجدرة ومالك حداد وكاتب ياسين ورشيد ميموني وبوعلام صنصال ويسمينة خضرا، وغيرهم ممن أسسوا لرواية جزائرية يُشهد لها بالتميز والأصالة، سمحت بظهور مدرسة سردية حقيقية، عكس ما هو حاصل بالنسبة إلى الرواية الجزائرية المكتوبة بالعربية، التي وإن تميزت ببعض النصوص العالية الجودة وتمكنت من تصدير أسماء مهمة حققت بعض النجومية والنجاح إلى العالم العربي، لم تستطع الوصول إلى الآخر على الرغم من ترجمة أهم نصوصها إلى مختلف اللغات، على غرار أعمال أحلام مستغانمي وواسيني الأعرج وأمين الزاوي وبشير مفتي وعمارة لخوص، وهي أعمال على الرغم من أهميتها جزائريا وعربيا لم تستطع التكرّس في المشهد السردي العالمي، باستثناء أعمال رشيد بوجدرة المكتوبة بالعربية التي فرضت وجودها لدى الآخر تماما كما فعلت أعماله المكتوبة مباشرة باللغة الفرنسية والتي جعلته مرشحا مهما لنيل جائزة نوبل لأكثر من مرة على غرار الجزائرية أسيا جبار ابتداء من عام 2004.

كما أن الرواية المكتوبة بالعربية لم تؤسّس لكيان سردي مستقل وأصيل يسمح بوصفها رواية جزائرية صرفة، بل هي مجرد رواية اختارت العربية لغة لها يكتبها روائي يحمل الجنسية الجزائرية فحسب، ولعل هذا ما يدفع البعض إلى التمييز بين مفهومي "الرواية الجزائرية" و"الرواية في الجزائر"، كما يدفع بلا شك الى الحديث عن الهوية اللغوية للجزائري المتميّزة بالتعدد من جهة والاضطراب من جهة أخرى، لاضطراره إلى التعامل مع أربع لغات متعايشة بتناقض في بعض الأحيان، والمتمثلة في العربية الفصحى والأمازيغية والعربية الجزائرية (العامية) والفرنسية، مما خلق نوعا من الصراع اللغوي الذي لا يجد له أي مبرر تاريخي أو اجتماعي، بل كل مبرراته وأسبابه سياسية، فرضت حدودا وهمية على المشتغلين في الحقل الأدبي بهذه اللغات، بحيث يصعب تفاعل بعضهم مع بعض، بل وفي أحيان كثيرة، خلقت هذه الحدود نوعا خطيرا من الجفاء الثقافي والاجتماعي، ظهرت بعض علاماته في الخصومات الشهيرة التي حدثت بين الطاهر وطار من جهة والطاهر جاووت ورشيد بوجدرة من جهة أخرى، أو حتى في القرار الانتحاري الذي اتخذه الروائي الكبير مالك حداد عرّاب أحلام مستغانمي، في التوقف عن الكتابة باللغة الفرنسية لأنها لغة العدوّ، وما نجم عن ذلك من تضييع لموهبة خارقة في كتابة الرواية.

المجلة

المصدر:

bottom of page