top of page
  • Facebook
  • X
  • Youtube
  • Instagram

"السلام" .. مؤسسة محمد داود تعيد نشر أعداد أول مجلة وطنية حرة مغربية

"السلام" .. مؤسسة محمد داود تعيد نشر أعداد أول مجلة وطنية حرة مغربية

بعد تسعين سنة من توقف صدور أول مجلّة وطنية حرة باللغة العربية في المغرب بسبب منع وتضييق “حكومة الحماية الفرنسية”، أعادت مؤسسة محمد داود للتاريخ والثقافة، بشراكة مع مؤسسة باب الحكمة للنشر والتوزيع، إصدار الأعداد الكاملة من “مجلة السلام”، التي كتبتها وقرأتها النخبة المغربية بين سنتي 1933 و1934.

مجلة “السلام”، التي أنشأها المؤرخ والأديب محمد داود بتطوان، تعد “من أهم مصادر نشأة الحركة الوطنية المغربية، بما ألقته من الأضواء على مختلف المجالات النضالية ومواقف الكتلة الوطنية بالشمال والجنوب من مختلف القضايا الداخلية والخارجية، إضافة إلى ما تضمنته من الموضوعات التاريخية والعلمية والأدبية القيمة”.

ومن بين الأقلام البارزة التي تضم آراءها وكتاباتها هذه المجلة أعلام في “الحركة الوطنية المغربية” والحركة الثقافية زمن الاحتلال الأجنبي للبلاد في النصف الأول من القرن العشرين؛ منهم: محمد داود، علال الفاسي، عبد الخالق الطريس، عبد الله كنون، محمد المكي الناصري، محمد أقلعي، أبوبكر القادري، حسن الوزاني، أحمد بلافريج، الحسن بوعياد، سعيد حجي، عبد اللطيف الصبيحي، وامحمد بنونة.

وفي تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، قالت حسناء محمد داود، المشرفة على جمع وتقديم المجلة، إن فكرة إعادةِ نشر أعدادها كانت تراود مؤسسة محمد داود منذ مدة؛ “لأنها مجلة رائدة، تعتبر أول مجلة عربية وطنية حرة بالمغرب. ومع الأسف الأعداد التي بقيت لدينا في المؤسسة قليلة ومتفرقة، ولاحظنا الطلب عليها من الباحثين والدارسين، خاصة المهتمين بعالم الصحافة في بدايته بالمغرب والراغبين في الاطلاع على مجريات النضال الوطني في الفترة التي ظهرت فيها الحركة الوطنية”.

وفي ظلّ “الاهتمام الملاحظ” مؤخرا بإعادة طبع وتقديم نماذج وإسهامات صحافية تعود إلى فترة الاحتلال الأجنبي ومراحل لاحقة من تاريخ المغرب الراهن، قالت حسناء داود إن العمل توالى لـ”إعادة تصوير المجلة وتقديمها كما هي، مع إضافة تقديم تعريفي بها وبصاحبها، وبظروف نشأتها، والأقلام التي كتبت فيها، والأبواب التي اشتملت عليها”.

وحول المواضيع التي غطّتها “مجلة السلام”، قالت نجلة المؤرخ والأديب محمد داود: “كانت المواضيع أو الاهتمامات متنوعة جدا؛ من جملتها التربية والتعليم والأخلاق والأدب والشعر والاقتصاد والمجتمع والرياضة وتعميم الثقافة، مع الاهتمام بأخبار وأحداث بقية الأقطار العربية والشرقية، وأفكار العالم وأخباره، فضلا عما يقع داخل الوطن، والمبادئ السياسية التي يدافع عنها الشباب الوطني الذين كانت أقلامهم مهمة جدا”.

وتابعت العالمة والباحثة: “على الرغم من صدورها من تطوان، التي كانت ثانوية في ظل الاستعمارين الفرنسي والإسباني، فإنها تضم أقلاما مهمة جدا، لم تقتصر على أشخاص بتطوان والشمال المغرب؛ بل امتدت إلى أقلام تعبر عن الرأي العام داخل المغرب وأحيانا خارجه”.

وواصلت: “(مجلة السلام) كانت تضاهي ما كان موجودا في الشرق العربي، مصر على الخصوص والعراق والشام، من مجلات أدبية وعلمية فيها من المواد ما له قيمة واهتمام بالأدباء والكتاب والمفكرين، سواء في ميدان السياسة أو الأدب أو العطاء الفكري بصفة عامة. لقد كانت محاولة من محمد داود ليكون لنا لسانٌ ومرآة تحاول أن تبرز أن المغرب ليس نكرة، فقد كان نسبيا مجهولا من إخواننا بالمشرق، وكان هذا ذنبنا لعدم التعريف بقيمتنا ومجهوداتنا ومجتمعنا”.

ثم استرسلت المتحدثة قائلة: “كانت آنذاك المنابع الصحافية المشرقية راقية بالمشرق، ولم يكن لنا في المغرب ما يضاهي ذلك. وجاءت هذه المبادرة بسبب اطلاع الوالد، وعلاقته بدور النشر والصحافة الراقية في المشرق العربي التي كان يستوردها منذ شبابه المبكر، فقد كان مراسلا لجريدة الأهرام في زمن نضال وكفاح محمد بن عبد الكريم الخطابي، وهذه معطيات وجوانب أوقدت في نفسه هذه الحسرة، فجاءت (السلام) محاولة لتغطية هذا الجانب، والتعريف بنا كمغاربة، كشباب مناضل، وأمة مكافحة، تعيش أزمة احتلال واستعمار وحماية، ولو أن لأبنائها رغبة في محاولة الخروج، وقول في السياسة والتاريخ والحضارة المغربية العريقة”.

ووضحت الباحثة حسناء محمد داود أن “إصدار (مجلة السلام) كان سابقة، كما كان لاحتجابها معنى خاص؛ فقد مُنع دخولها المنطقةَ التي كانت واقعة تحت الحماية الفرنسية (زمن تقسيم المغرب بين إسبانيا وفرنسا)، ومع ذلك حاول الوالد رحمه الله بجانبه المادي الخاص أن تستمر، علما أن مداخيلها هي التي كانت تسهم في استمرارها، وبسبب منع دخولها للمنطقة الواقعة تحت السلطة الفرنسية، التي كانت تشكل ثمانين في المائة من المداخيل، استحالت الاستمرارية؛ لكنه حاول إصدار العدد الأخير نفسه الممنوع بغلاف مختلف، وعنوان مخالف هو (العزيمة)، واسم مستعار هو أبو سليمان، في تحدٍّ وإصرار هو دليل على محاولة المتابعة رغم الصعوبات؛ لكن تجدّد منع السلطة الفرنسية”.

وبموادها، وأسمائها، وقيمتها التاريخية، تقدم (مجلة السلام)، وفق المشرفة على إعادة طبعها، “مرآة واضحة عن الصحافة الوطنية، وممكنات الشباب المغربي في أن يكون له لسان معبر، بمظهر مشرف، وريادة في المحتوى”، كما تبرز “الجانب الاستعماري الذي واجهَ (هؤلاء الشباب والمثقفين) بالمنع ومحاربة الإعلام الحر”.


هسبريس

المصدر:

bottom of page