top of page
الامسية الشعرية الثانية .. إبحار في فضاءات الشعر وألق القصيدة
٢٠ مارس ٢٠٢٣

تواصلت فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية؛ والتي انطلقت في التاسع عشر من مارس الجاري على مسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي بإقامة الامسية الشعرية الثانية؛التي ادارها الشاعر سالم الرميضي من الكويت؛ أحياها كل من الشعراء احمد بلبولة من مصر ؛ وابتهال تريتر من السودان؛ واسيل سقلاوي من لبنان، احمد الهلالي من السعودية، وسمية اليعقوبي من تونس، ومحمد البريكي من الامارات، ومرورة حلاوة من سورية، والحارس الخراز من الكويت، ووليد الصراف من العراق، وألقوا على مسامع الجمهور مختارات من قصائدهم المشبعة بألق اللغة، وجزالة العِبارات، بقصائد تصف الوجد تارة، والغياب تارة أخرى، وما بينهما تقف القصيدة في مطلعها لتروي حكاية الجمال الشِعري وإبداعاته.

و تبارى المشاركون في تقديم نصوص حافلة بالشعر وجماليات اللغة والصور البديعة في إطار متنوع بتنوع بيئاتهم، ورؤاهم ومدارسهم الشعرية، ورسموا لوحة شعرية مكتنزة بالدهشة والإبداع، نالت استحساناً كبيراً ولافتاً من الحاضرين.

نصوص حلقت بالحضور في عوالم من الجمال والسحر بمواضيع تنوعت ما بين الغزل تحتشد بمفردات الشوق والحنين وتجارب تغوص في النفس البشرية والوجود وتحفل بالمعنى وحضور بديع للأوطان واستنطاق للأمكنة ورصد لمشاهد من الواقع عامر بالصور.

عطر الأنا..

البداية كانت مع الشاعرة ابتهال تريتر من السودان بقصيدة

بقصيدة " عطر الأنا" تقول فيها:

مسافة عطر أقصر الآن لم يجد

إلى الحب زلفى أو إلى البوح ميسما

لبابٍ يتيمٍ أوقف الريح، عازفا

تواشيح من مروا على الغيم نوما

أبوء بشعر في الشناشيل علقت

مواعينه السمراء للسمرة انتمى

عصافيره تعتاش من ريق غيمة

تربي انتظارا صب في الأفق علقما

عراء مواقيتي وتفاحتي ترى

انجذاباتها أقصى انحداري تسنما

أنا ماردي في النخل في العمة التي

تحدت أماني الكحل تمرا و قمقما

جناحاي بيت البرق أمتصّ وجهه

وفي داخلي أعددت للخوف مأتما

نبيان مذ قاما، قصيدي و موطني

وقلبي على الشوطين حبّا تقسما

ومن قصيدتها" إغفاءة على صدر يكابد" قرأت:

ميقاتُك العِطْرُ عنْدَ المنتهى أسْرَى

نيلا يعانق في أرحامه السِّدْرا

كنخلةٍ علَّمت أترابَها جملاً

من العَطاء و ألقَتْ ظلَّها جِسْرا

(يوكابِدُ) الحُزنُ شَظَّى اليَمَّ أفْئِدةً

من التوابِيتِ عند الضِّفةِ الأُخْرَى

أدُس خَلفَ لهاةِ الأرض أسئلة

أرى جَماجِمَ في نيرانها تُقْرَى

أخِيطُ من كِبريائي ثَوبَ أُحْجِيتي

وأَرتَدِي الشَّمْسَ إني بنتُها الكبرى

مديح الليل..

اما الشاعر احمد بلبولة من مصر فامتع الحضور برائعته "مَديحُ النِّيل" فقال :

أَأَخْضَرُّ أَمْ أَصْفَرُّ لَوْ رُحْتُ أعزِفُ؟!

هَوَايَ مع الصحْراء، والنّيلُ يَعرِفُ

نَشأْتُ بأرْضٍ غيرِ أَرْض حبيبتي

وَلَكِنْ معي منها وِشاحٌ وَمُصحفُ

جَفا مضْجعي أمَّ البلاد كأنَّني

خُلِقْتُ إلى أُمِّ القرى أتلهَّفُ

تَعَلَّقْتُها بالسَّمْع حتّى تحقّقتْ

بقلبي وكاد السِّرُّ لِلنّاس يُكْشَفُ

فَقُلْتُ لِصَدْرِي: كُنْ كَصَدْرِ مُحَمَّدٍ

يُشَقُّ لأَمْرٍ والملائِكُ وُقَّفُ

يَتيمٌ وحظُّ الحبّ يُتْمٌ كحالهِ

ومَنْ لم يَذُقْ يُتْمَيْه لا يَتثقّفُ

إذا مرّت الأعنابُ في بالِ كَرْمِهِ

سَكِرْنا، ولسنا حين نَسْكَرُ نَرْشُفُ

ولو هَطَلَتْ فِي عُزْلَة الرُّوحِ دَمْعةٌ

لَقُلْنا لها: إِنَّ الغَمامةَ أَرْأَفُ

طلل و”ورقاء ..

وتألق الشاعر الأنيق كعادته الدكتور أحمد الهلالي برائعةٍ من روائعه وبوحه الجميل الذي إتسم بالكلاسيكية ومحاكاة الوجدان فقال:

‎مابالها ألقتْ وسادتَها فوق الغيوم

‎.. وأرهقتْ عنقي

‎تغفو،

‎ويصحو الليلُ معتمرا رأسي

‎أعاقرُ ثلةَ الأرقِ

‎ليت السحابةَ

‎حين توقظُها.. تحتاط ُ

‎من إغماءةِ الشفقِ

‎من عينها

‎..أرّجتُ قافيتي

‎وبعينها

‎أدلجتُ في حُرَقي

‎وبها أدللُ خيلَ محبرتي

‎حتى غدا مضمارُها ورقي

‎ورقاءُ

‎تركضُ فوق أخيلتي

‎ماءً، ولا يمتصُّها غرقي

ومن قصيدته " طلل قارس جدا قرأ:

قف بالطول وحارب الاطنابا

والبعث من الطين الرتيب جوابا

واسمح السارين رب قصيدة

سقطت منك وانبتتك خطابا

ما كان وجهك حين ذقت رحيلهم

قمرا وما كان الوقوف ثوابا

رحلوا وباعوا مفاتيح الى الثر

لا انت مائي ولست سرابا

واستمتع الجمهور عندما صدح الشاعر بابيات من قصيدته "انشطار !" :

قامتْ على رئةِ اليقينِ صَلاتي

ومشتْ على وقعِ المحبِّ صِلاتي

أدنو من الأصحابِ نصفي شاعرٌ

والنصفُ بين تأملٍ وعِظاتِ

حتى إذا ضاقَ الطريقُ بقامتي

لملمتُ بين أناملي خطواتي

وسموتُ في تسبيحةٍ عفويةٍ

عن زارع الأشواكِ في آهاتي

وحدي ألوّنُ في رؤايَ يمامتي

وأطيرُ صقرا حين أنكرُ ذاتي

منطق الطير..

وجاء دور الشاعرة اللبنانية اسيل سقلاوي لتبكي فراق الاحبة :

كل الذين نحبهم قد غابوا

ما كان في القلب غيرك حبيبا

ولتتحرى منطق الطير في نص " منطق الطير" فقالت :

‏" للطيرِ منطقُه ".. ووجهكَ منطِقي

وفضاءُ روحِكَ حينَ يهمسُ حلّقي

كلّي وضوحٌ رَغم ما أسررتُهُ

من حسرةٍ وتلهفٍ وتشوّقِ

لا أقتفي لغةً سوايَ ، نزفتُني

فأنا التي أسعى إليّ وأرتقي

أغمضتُ عينيّ اتقاءَ معارجي

ورفيفُ أجنحتي يقولُ: ثقي، ثقي

صوتي شموخُ الأرز.. نوتةُ حزنِهِ

وبأبجديةِ ما أسرُّ تعلّقي

مذ كانَ هذا الكون في إشراقِهِ

كانَ المحبونَ احتمالَ المُطلَقِ

اما الشاعر الحارث الخراز فأبدع حين قال :

أُخفــي هواك وحبـــاً بينَ أنفاســـي

خوفاً من الحــبِ لا خوفاً من النــاسِ

إليك أرسلـــت أحلامـــي وأشرعـــتي

أشقُ بحـــراً وأفلاكــــــاً بأفراســــــي

لو تسمعيني تنادي فيــك ملئ فمـي

آمــــال قلبي واشعــاري واحســـاسي

قرأت أحميــــكِ بسم الله ما نزلــــت

من أول الحمـــــد حتى آخـــر الناسِ

عن تحديات الأنثى..

سمية اليعقوبي من تونس قرأت نصاً

تتحدث فيه عن ما يمكن ان يواجه الانثى

من تحديات مجتمعية وعاطفية بالحياة

وكيف تواجه هي كل ذلك :

تُشِير إلى حيثُ الأنينِ مدامعُ

وما تعلمُ الأيْنَ الخفيّ أصابعُ

كثيرٌ من ال(...) ، لا أستطيع احتمالهُ

وضمتْ من الهذا ال (كثير) الأضالعُ

أهشُّ على الأفواهِ أبعدُ قولَها

لتنجُو من الما لا يطاقُ المسامعُ

ورفَّة عينٍ كيفَ تعلمُ آتيًا؟

وكيفَ لجفنٍ قدْ تُقرُّ ، المواجعُ

وكيف لذنبٍ ما ,يحاكَمُ طينُنا

وماءٌ من البدءِ القديمِ يرافعُ

فلا تسألِ الأنّاتَ موطن نزفِها

ولا تسأل الأوجاعَ، أين مواضعُ ؟

وقلبٌ كما الصوانِ أنكر نبضَه

وتُنكِرُ أحجارَ السُّقوط المقالعُ

مكر شيطان ووعي نبي..

اما الشاعر الإماراتي محمد البريكي فأنشد :أهلا يا كويت

بغمامةٍ بفمي أتيتُ

وهطلتُ لكنّي استحيتُ

فكثيرُ قولي لا أرا

هُ سوى القليلِ وما اكتفيتُ

قالت ليَ الأرضُ التي

ودعتُها: مهلًا، مشيتُ

ودخلتُ باسم الله في

أرضٍ بها كلّي احتفيتُ

فَرِحَ الذينَ أتوا معي

شوقاً ومن فَرَحي بكيتُ

أنا يا أنيقةُ في الوصا

لِ وفي اللقا حيٌّ ومَيْتُ

فإذا أتيتُ محلِّقاً

بفضاكِ طيراً وانتشيتُ

قولي لهذا العاشقِ ال

مجنونِ: أهلًا، يا كويتُ

وجمع بي مكر الشيطان وقلب نبي في"مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي"

فقال:

في داخلي مكرُ شيطانٍ ووعيُ نبي

وفي العيونِ أرى مولايَ ثُمَّ أبي

وأدخلُ الحقلَ، لا أسطو على شَجَرٍ

إلا لأقطفَ من أغصانِهِ أدبي

مسافِرٌ بي جنوني حيثُ توصِلُني

هذي النجومُ التي تلهو، إلى شَغَبي

إلى دواليبِ ألعابي، إلى شجرٍ

أيقظتُ فيهِ جنونَ الرقصِ من تعبي

إلى فتاةٍ تربّي الوردَ في يَدِها

وتملأُ الكأسَ للأيامِ من عِنَبي

معارضة..

الشاعرة السورية مروة حلاوة فالوقت قصيدة في معارضة "ابن مليك الحموي" :

عليلٌ بطرف "العامريّة" هل يَبرا

(سلوا فاتر الأجفان عن كبدٍ حرّى)

سلوا كم جرى من دُرّه فوق وجنتي

وخضّل منّي طلُّه (العقدَ والنحرا)

أنا الآن نسخُ "العامرية" قُوِّمتْ

قيامتُها ممّا نفثتَ بها شِعرا

فمازلتُ موسيقى على فم شاعرٍ

أرتّل في الأبيات آياتِه الكبرى

أنسّقُ في المعنى تواقيعَ رقصتي

وأعقدُ أفكاري كعاقدةٍ سحرا

وألقي بمرساتي على عمق ما به

سؤالٌ من الأصداف يستنطِقُ البحرا

ويا "بن مليكٍ" كم صددتُكَ عن هوى

إذا جنّ بي "لن تستطيع معي صبرا"

محاولات فاشلة ..

وكان مسك الختام مع الشاعر العراقي د. وليد الصراف ومحاولاته الفاشلة لالتقاط الصور :

محاولة فاشلة لالتقاط صورة لهند:

الروض منذ دخلتِ الروضَ ياهندُ يبدو-كما الحلم-للرائي ولاييدو

الورد يقفل باب العطر مكتشفا انْ ليس بَعد الذي قد شمّه بَعدُ

والعشب يرتاب والاشجار ساهمة والنبع أخرس والعصفور لايشدو

وموكب النسمات المثقلات شذا يهمّ بالمشي حينا ثم يرتد

حتى الفراشة مما أبصرت ثملت حطّت على الشوك ظنّاً أنّه وردُ...

محاولة فاشلة لالتقاط صورة للمتنبي:

داويت ُفارتاب الحِمامُ جراحه ُ ورميتُ فارتبك القضاء قِداحه ُ

أطلعتُ والشمس النؤوم ضحى ترى في النوم كابوس الظلام صباحه

أعلنته والديك لم يخلق ولم يسمع مصيخ في الزمان صياحه

وطفقت أكسو بالخوافي من ضميري والقوادم من رؤاي جناحه

فسما تزور العاشقين طيوفه ويرى الطغاة بنومهم أشباحه

bottom of page