top of page
سبع قواعد من أجل السلام كتاب: تأمــلات من أجـل الســلام للشاعر عبدالعزيز سعود البابطين
٢٢ سبتمبر ٢٠١٧

بقلم: محمود البجالي

في هذا الكتاب يقدم الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين سبع قواعد أساسية لصنع السّلام وسبع وسائل عملية لتحقيقه.

الكتاب صدر باللغتين العربية والإنكليزية عن «مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية» في شهر سبتمبر 2017م.

يقول المؤلف في مقدمة الكتاب «لا زلت أُحس أنني قادر على العطاء أكثر للإنسانية، وأجد أن ما حققته وأنجزته ليس كافيًا، وما زال بي ظمأ شديد لخدمة الإنسانية، فبعد تجرية طويلة في الحياة وفي الثقافة والشعر والأعمال، وبعد أن جُبت أغلب بلدان العالم، وتعرفت على كثير من طبائع أغلب الشعوب والطوائف، يتوقد ذهني لكتابة شيء ما ومخاطبة العالم بطريقة معينة تساعد - إن قليلًا أو كثيرًا - في إنقاذ البشرية من انحرافات النفس ونزق أهواء المغامرين.

لقد تأملت وفكّرت مليًّا ورأيت أنه ليس أفضل من تحديد قواعد ووسائل يسهل تطبيقها قد تخدم الإنسانية في مسار السلام والمصالحات الضرورية.

وجميع الأفكار أو المقترحات التي يتضمنها الكتاب هي نتيجة تجربتي في الحياة وتأملاتي في الواقع، وهي إن تفردتْ أو تماثلتْ مع تجارب أخرى، أردت أن استخلص منها الحكمة الخالصة المفيدة، وأعتقد أن كل حكمة وليدة تجربة ثرية يجب أن تعمم على كل الشعوب ولا تحتكر.

إن غياب السلام في العالم هو ظلام في الدنيا، ولكن حين نجعل الكلمة الطيبة تعلو بالدعوة إلى السلم فإنها شمعة مضيئة لن يحجبها ذلك الظلام.

السلام شمعة لابد أن نضيئها، وإن الضعيف هو من يخسر السلام دائمًا.. السلام يؤسس قيمة العدل الذي إذا اختفى من الأرض لم يعد لوجود الإنسانية قيمة.

< تصدّرت الكتاب عبارة أُقتبست من الميثاق التأسيسي لليونسكو، تقول هذه العبارة «لما كانت الحروب تتولد في عقول البشر، ففي عقولهم يجب أن تبنى حصون السلام».

تلا ذلك «توطئة» بقلم البروفيسور مايكل فريندو الرئيس الفخري لبرلمان مالطا ووزير خارجيتها الأسبق، جاء فيها «هذا الكتاب الرائع النفيس «تأملات من أجل السلام» لعبدالعزيز سعود البابطين هو صرخة قلبية موجهة للبشرية جمعاء قصد اعتناق السلام قيمة وهدفًا وطريقة حياة.. إنه يعكس التزام البابطين الدائم بالجمع بين مختلف مكونات البشرية على اختلاف معتقداتها وثقافاتها رغم الفوارق الاقتصادية بينها في حوار صادق وصريح سعيًا إلى تحقيق السلام بين الدول وداخلها».

< يتكوّن الكتاب من قسمين رئيسين؛ القسم الأول جاء بعنوان: القواعد السبع من أجل السلام: وهذه القواعد هي:

القاعدة الأولى: الاحترام والصدق، وترجمة ذلك إلى سلوك فاعل في السلام ولأجل السلام. وجعل ثقافة السلام صيغة تعليمية فاعلة تربى عليها الأجيال، وعند ذلك سيصبح سلوكنا سلميًّا أصيلًا فاعلًا.

القاعد الثانية: السلام ضرورة، يجب نقل وإشاعة ثقافة السلام سواء في حال الوحدة أو التنوع أو الاختلاف من أجل استمرار الإنسانية، وعلينا أن نتجاوز فكرة السلام الممكن إلى فكرة السلام الضروري. فالضرورة تجعلنا نفكر في الواجب والمسؤولية الاجتماعية.. عالم السلام هو عالم الإنسان المتعدد الأبعاد.

القاعدة الثالثة: السلام إجماع؛ السلام الذي تحتاجه البشرية هو ليس سلام التوافق السياسي الذي لا يدوم، بدليل قلة النجاحات التي تتكئ على هذا النوع من السلام. البشرية تحتاج إلى سلام تُجمع عليه الشعوب والمجتمعات، ليس سلامًا تتفق عليه طبقات سياسية.. فما تتوافق عليه الحكومات يذهب بذهابها، وأن ما تجمع عليه الشعوب والمجتمعات لا يندثر بل يصبح ثقافة وسلوكًا حضاريًّا.

القاعدة الرابعة: السلام حاجة تاريخية، فلكي نؤسس «الأمن الشامل» ونخرجه من باب الشعار إلى الحاجة التاريخية، لا بد من نقل السلام من مستوى الصورة إلى مستوى الواقع الاجتماعي الفعلي القائم الماثل أمامنا.. أي جعل السلام في الصورة مطابقًا للواقع، وإحكام ارتباط السلام بالواقع، أي جعله حاجة تاريخية مُـلّحة.

القاعدة الخامسة: السلام مسار متواصل؛ في العالم نزعتان؛ نزعة إيجابية تبني ونزعة سلبية تهدم. وعلينا أن نواصل البناء لأنه يؤكد رغبتنا وحرصنا وإصرارنا على مقاومة النزعة الشريرة.

القاعدة السادسة: السلام ثقافة، إذا أردنا حماية الإنسانية وقيمها النبيلة علينا أن نعيش السلام في حياتنا اليومية، وأن نجعله شكلًا من أشكال الوجود، وليس ذلك ممكنًا إلا إذا جعلنا السلام ثقافة معيشة.. وهذا ممكن ومتاح. يجب أن نجعل من الأدب شعرًا ونثرًا وفنًّا أداة للسلام. وأن تكون مواضيعه دائمًا حول السلام، ولغتنا اليومية في المخاطبات والمراسلات يجب أن تتعطّر بالسلام.

القاعدة السابعة: السلام تربية وتعليم؛ وحتى يكون السلام ثقافة الناس، لا بدّ من العمل على تربية جيل واعٍ يعدّ من خلال دروس متدرّجه في السلام من الحضانة وحتى الجامعة.. ولذلك ينبغي سن القوانين الملزمة بتدريس أسس السلام وثقافة السلام.

والقسم الثاني من الكتاب جاء بعنوان «الوسائل السبع لتحقيق السلام». يقدم المؤلف في هذا القسم آلية لتطبيق القواعد السبع من أجل السلام.. وهنا يذكر بعض الأعمال والأحداث مما قام به تجاه السلام وثقافة السلام، وهي في الواقع أقل بكثير مما تختزنه جعبته وذاكرته، وحبّذا لو تضمن الكتاب المزيد من هذه الأحداث المهمة والأعمال التي هي من دون شك كثيرة جدًّا، وهذه الوسائل هي:

الوسيلة الأولى - واجب فعل الخير:

حيث قام المؤلف منذ صباه وبالتعاون مع أصدقائه بتشكيل لجنة لمساعدة الكثير من الفقراء تعليمًا وتطبيبًا ثم قام في عام 1974 بإنشاء مؤسسة سمّاها باسم والده «بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا» لتدريس الطلاب بنظام المنح، كما قام ببناء المدارس.. و«مركز التنمية الاجتماعية» الذي أسسه يقدّم من خلاله هبات سنوية إلى المحتاجين في العالم. كما خصص مساعدات للمستشفيات وحفر الآبار وإعانة اللاجئين وغير ذلك..

وهدفه من ذكر هذا الأمر أن يقول أنه ليس بالضرورة أن تكون ثريًّا لكي تتجه نحو الخير. بل يمكن بالمال القليل خدمة البشرية والإسهام في خدمة المجتمع.

كما أنه يبين أن ما يقوم به ليس من باب الإحسان، بل هو عمل مؤسساتي كان بوعي بسيط ولكنه بنّاء.. فواجب فعل الخير مختلف عن الإحسان وأنه مؤمن بواجب الإنسانية وليس بالإحسان إلى الإنسانية.

الوسيلة الثانية - واجب إصلاح ذات البين.. سبيل إلى السلام:

العمل على تحقيق الصلح بين الناس هو طريق تحقيق السلم الأهلي وعلينا أن نسعى إلى الصلح وألا نبقى مكتوفي الأيدي، وعلينا أن نتحلى بروح المبادرة ونقرّب بين الناس.. فالسلام مسؤولية وواجب، ويذكر هنا قصصًا واقعية حدثث معه ونجح في إيجاد حل لها.

الوسيلة الثالثة - التوسط بين الدول لإرجاع العلاقات.. سبيل إلى السلام:

كلما وجدت الفرصة للتوسط والمساعدة في رأب صدع بين شعوب ودول وجماعات وطوائف، فعلينا ألا نتردد في ذلك ولنقم به بكل صدق، حتى وإن لم نجد الفرصة فلابد أن نصنعها.

الوسيلة الرابعة - إعداد مخطط عملي.. سبيل إلى السلام:

يذكر المؤلف أن المطلوب التفكير في منع إعلان الحرب في المجتمعات، أي العمل قبل وقوع الحروب، لتجنب الحروب ذاتها.

فثقافة السلام تتضمن دحض العنف ورفضه والحيلولة دونه، وتعني التزامًا عامًّا من قبل الجميع بتعزيز بناء السلام والتوسط ووقف الصراعات وإقامة التسويات والترويج لثقافة السلام ضمن المناهج التربوية والترويج للتسامح وقبول الآخر.

الوسيلة الخامسة - العمل التفاعلي المشترك سبيل إلى السلام:

التفاعل من أجل قضية ما، يجب ألا يقتصر على مجموعة من التوصيات التي يفرضها طرف، وإنما هو ثقافة في حد ذاتها، وهي ثقافة عالمية أو لغة عالمية يجب أن تنتشر بين جمع الجهات الفاعلة في المجتمعات.

الوسيلة السادسة - جعل السلام جامعًا مشتركًا.. بيننا سبيل إلى السلام:

السلام هو الجامع المشترك بين الناس، وشرط الوجود هو السلام، وإذا غاب السلام انقطع العقل عن الوجود.. فمهمة العقل هو التفكير في جعل السلام جامعًا مشتركًا بين الجميع، والخير العميم يكون في دوام السلام واستدامته.

الوسيلة السابعة - مذهب السلام سبيل إلى السلام:

يجب أن تتشكّل مجموعات من المجتمع المدني ضمن كل دول العالم، تحمل لواء السلام، وتكون عابرة للقارات، تكوّن مجموعات نُصح ودعم لكل الحكومات والمنظمات الدولية كي تفعل السلام وتتجه إلى السلام وليس إلى الحرب، هذه المجموعات تشكّل مجتمعة «مذهب السلام»، نحن اليوم نحتاج ايديولوجيا إيجابية أو اتجاهًا عالميًّا كونيًّا إيجابيًّا «مذهب أهل السلام» فلا توجد دعوة في العالم تستحق عناء التفكير وجهدًا استثنائيًّا سوى الدعوة إلى السلام.

وفي الختام، يقول المؤلف: إني مقتنع بأن صنع السلام هو وسيلة لاستمرارية التاريخ، أي لاستمرارية الإنسانية.

bottom of page