top of page
مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية اختتمت فعاليات دورتها التاسعة عشرة بجملة توصيات
١٧ ديسمبر ٢٠٢٤

اسدلت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية الستار على  فعالياتِ دورتها التاسعة عشْرةَ التي نظمتها برعاية كريمة من سمو امير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح "حفظه الله ورعاه" والذي ناب عن سموه في حفل الافتتاح وزير الاعلام الثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري؛ تكريمًا للمبدعين من الشعراء والنقاد الفائزين بجوائز المؤسسة في الدورة التاسعة عشرة ، مع احتفاءٍ خاصٍّ بالشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين وذلك يوم الاحد الخامس عشرمن ديسمبر الجاري بمسرح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي واستمرت على مدى ثلاثةِ أيامٍ انتهت في يومِ الثلاثاءِ السابع عشر منه؛ وشهد اليوم الختامي اقامة جلستين أدبيتين؛ وأمسية كانت خاتمة للأمسيات الشعرية؛  وشهد حفل الختام كذلك القاء البيان الختامي للمشاركين في الدورة من الباحثين والشعراء والادباء متضمنًا توصيات خرج بها المشاركون، وتوّج الختام بتكريم الرواد الذين عاصروا مؤسس مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين في بدايات تأسيس المؤسسة ، ووفاءً من المؤسسة ورئيس مجلس أمناء المؤسسة سعود عبدالعزيز البابطين ، كان رد الجميل والاعتراف بدورهم مع والده الشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين "طيب الله ثراه" في بداية مشواره لتحقيق حلمه الثقافي وهم :-

أ.د محمد حسن عبدالله من مصر ، أ.د محسن الكندي من سلطنة عمان ، أ.د إبراهيم السعفين من الأردن ، أ.د صالح الغريب من قطر ، أ.د عبدالقادر فيدوح من الجزائر

توصيات..

اجتمعت اللجنة المكلفة بصياغة التوصيات، والمتكونة من: أ.د معجب العدواني، أ.د زياد الزعبي، وأ.د نور الهدى باديس، د/ ميساء الخواجا، وأ.د صالح الغامدي.

وقد أوصت اللجنة بما يأتي:

·      الاستمرار في عقد اللقاء بشكل سنوي.

·      انفتاح الجائزة وأعمال الملتقى على الأشكال الشعرية المختلفة.

·      جمع الشهادات التي قدمت في هذا الملتقى وغيره وإصدارها في كتاب.

·      التوصية بوجود برنامج ثقافي مواز للتعرف على الأماكن الأثرية والسياحية.

·      العمل على ترجمة ملخصات الأبحاث المقدمة في الملتقيات إلى اللغة الإنجليزية.

·      استمرار التقليد الذي اختطته المؤسسة بعقد لقاءاتها الثقافية في عدد من حواضر العالم.

واختتم البيان بتهنئة مؤسسة البابطين الثقافية على "نجاح هذه الاحتفاليةِ المدشِّنة

ختامه شعر..

مسك ختام فعاليات الدورة التاسعة عشرة لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية كان شعراً؛ فقد شهد اليوم الاخير أحياء امسية هي الثالثة من الأماسي الشعرية، ومما زاد من ألق الليلة انها  تزامنت مع الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية؛ حيث وجدها الشعراء فرصة للتحليق بالجمهور في فضاءات الشعر ونظم القصيدة والمفردة الانيقة والتناغم مع عذوبة لغة الضاد.

الأمسية التي أدارها الدكتور أحمد الفرج من الكويت عرفت مشاركة الشعراء محمد البريكي من الإمارات ؛ د/ أحمد بلبولة من مصر ؛ إياد هشام من العراق ؛ حسام شديفات من الأردن" ؛ د. دلال البارود من الكويت "؛ عبدالله الفيلكاوي من الكويت؛ شقراء مدخلي من السعودية ؛ فارس حرّام من العراق .

قدّم الشعراء خلال الأمسية نصوصاً مؤثرة أغلبها مراثٍ عن الشاعرالراحل عبدالعزيز البابطين، عبّروا فيها عن مشاعر الحزن والوفاء، مستحضرين مآثره وإنجازاته، إلى جانب قصائد أخرى تنوعت بين الغزل وحب الأوطان واستلهام مشاهد من الواقع.

وفي المستهل قدم الشاعر د/ أحمد بلبولة  مرثية بعنوان"البابطينية" في رثاء للشاعر الراحل عبدالعزيز سعود البابطين ، أظهر من خلالها مقدرة فائقة على صناعة صور مملوءة بالمعاني الإنسانية والوفاء. 

 

للبابطينَ تُغنّي أم سَتَبْتَهِلُ؟

لا الشِّعرُ يَقْوَى ولا النّاياتُ تَحْتَمِلُ

 

حَكى لكَ الشَّيخُ عن مِشوارِهِ فَبَكَى

وخَصَّ مِصْرَ فَحَقَّ القَوْلُ والْعَمَلُ

 

ما الشِّعر إنْ لم يَكُنْ فَذًّا تُقاوِمُهُ

ظُرُوفُهُ وَهْوَ يَدْري أَنْ سَيَكْتَمِلُ؟

 

إِنّي اخْتَزَنْتُ ثنائي كي أُنَزِّهُهُ

وكانَ يَمْنَعُني مِن قَوْلِهِ الخَجَلُ

 

حَتّى أَتَيْتُ على حُبٍّ لِأُنْشِدَهُ

وَسْطَ الْأَحِبَّةِ لَكِنْ بَعْدَما رَحَلُوا

 

عادَيْتُ فِيكَ الزُّنابَى وَهْيَ زاعِقَةٌ

والآنَ أُعْلِنُ حُبِّي وَهْوَ مُغْتَسِلُ

*

 

يا أيُّها المُنْفِقُ البار الرؤومُ على

حضارةٍ تَطْلُبُ المَعْنَى ولا تَصِلُ

 

لَمْ تَخْذُلِ الشِّعْرَ  والدُّنيا تُحارِبُهُ

خُذْلانَ غَزَّةَ وَهْيَ الآنَ تَشْتَعِلُ

 

ولمْ تُكَبِّر دماغًا كان يُمْكِنُهُ

ألا يُعَنَّى بما تَشْقَى بِهِ الرُّسُلُ

 

وضَعْتَ في قَدْرِه الميزانَ تَضْبِطُهُ

ضَبْطًا تَفَاعِيلُهُ التَّاماتُ لا العِللُ

 

وسِرْتَ في كُلِّ أَرْضٍ ناسُها عَرَبٌ

وسار خَلْفَكَ فيها الحُبُّ والأمَلُ

 

بَحْثًا عن الذاتِ في أَحْجارِها انْطَمَسَتْ

وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْها الرَّسْمُ والطَّلَلُ

 

فَتَّشْتَ عَنْها الدَّواوينَ التي كُتِبَتْ

وَقْتَ السُّقوطِ ووَقْتَ الكُلُّ يَمْتَثِلُ

 

وشِدْتَ بالشِّعْرِ صَرْحًا قَدْ أُضِيفَ بِهِ

إلى الكويتِ كويتٌ آخَرٌ بَطَلُ

*

 

ما الروحُ إنْ لَمْ تَكُنْ شِعْرًا سَنَكْتُبُهُ

حَتَّى وَلَوْ كانَ شِعْرًا كُلُّهُ غَزَلُ؟

 

أَلَيْسَ فِيهِ امْرُؤٌ قَدْ عَاشَ قِصَّتَهُ

بَلَى وَلَوْ قِيلَ مَكْذُوبٌ ومُنْتَحَلُ؟

 

أَلَيْسَ فِيهِ المُروءاتُ الَّتي دَرَسَتْ؟

أَلَيْسَ فيهِ حَدِيثُ الْقَوْمِ والمَثَلُ؟

 

إِنَّ الْتِفاتَتَكَ الْكُبْرَى لتُحْييَهُ

تُعِيدُ تَرْتِيبَ ما تَحْيا بِهِ الدّوَلُ

*

 

هَذا الزَّمانُ على ما فِيهِ مِنْ فَرَحٍ

يُرَى تَعِيسًا كَأَنَّ الْفَرْحَ مُفْتَعَلُ

 

ما زالَ لا يَجِدُ الإِنْسانَ في بَشَرٍ

قَدْ أَوْسَعُوهُ عَذابًا كُلَّما اقْتَتَلُوا

 

قَدْ أَوْسَعُوهُ اغْتَرابًا في مَدِينَتِهِ

وَشَيَّعُوهُ إِلَى مَثْواهُ واحْتَفَلُوا

 

بَرِيئَةٌ رُوحُهُ كَالشِّعْرِ يَعْرِفُهُ

كُلُّ الَّذينَ رَأَوْهُ وَهْوُ مُعْتَقَلُ

 

كُلُّ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَهْوَ هادِئَةٌ

أَنْفَاسُهُ وَعَصاهُ ما لَها أَجَلُ

 

أَقْعَى بكَلْكَلِهِ مِنْ بَعْدِ مَعْرَكَةٍ

وَمَدّ صُلْبًا إلى كُرْسِيِّهِ الْجَمَلُ

 

كُلُّ الَّذِينَ رَأَوْا أَطْفالَهُ سُحِلُوا

وَشَاهَدُوهُ بِلا بَيْتٍ وَما سَأَلُوا

 

كُلُّ الَّذِينَ رَأَوْا مَرَّ الْغَمَامَةَ فِي

قَنْصِ الْوُحُوشِ فَلا رَيْثٌ وَلا عَجَلُ

 

كُلُّ الَّذِينَ رَأَوْا هَذا وَما فَعَلُوا

شَيْئًا وَلَوْ فَعَلُوا شَيْئًا لَمَا فَعَلُوا

 

أَرْخِ الْعِقَالَ وَطِبْ نَفْسًا فَما جَنَحَتْ

عَنْ شِعْرِها أُمَّةٌ لَوْ ناسُها عَقلُوا

*

 

أَرْخِ الْعِقَالَ فَما السِّرْدابُ مُنْقَطِعٌ

بِهِ الْكَرِيمُ وَفِيهِ المَاءُ وَالْعَسَلُ

 

بِالشِّعْرِ تَنْهَضُ كَالْعَنْقاءِ أُمَّتُنا

كَما سَيَنْهَضُ مِنْ أَنْقاضِهِ الْجَبَلُ

 

كُلُّ نَجاحٍ كَبيرٍ بَدْؤُهُ فَشَلُ

وَكُلُّ فَوْزٍ عَظِيمٍ بَدْؤُهُ زَعَلُ

 

يا مَنْ لَهُ الشُّعَراءُ الْيَومَ تَشْكُرُهُ

على صَنِيعَتِهِ الْبَيْضاءِ والمُثُلُ

 

رَعَيْتَهم نَبْتَةً كادتْ يُصَوِّحُها

في أَرْضِها شَمْألٌ سَوْداءُ أَوْ كَسَلُ

 

مِثْلُكَ يُرْثَى وَمِثْلِي الْيَوْمَ يَرْتَجِلُ

وَكُلُّ شِعْرٍ سَيَبْقَى خَلْفَهُ رَجُلُ

 

نَذَرْتَ نَفْسَكَ لِلْأَبْقَى فَكَمْ صَنَمٍ

أسْقَطتَهُ مِن عَلٍ والعَصْرُ يَنْسَدِلُ

 

خُذْها عَمُودِيَّةً، مِنْ قَبْلُ ما كُتِبَتْ،

كَما تُحِبُّ لِيَهْوِي بَعْدَها هُبَلُ

**

ونثرت الشاعرة شقراء مدخلي من السعودية من مفردات لغة الضاد عبقاً شعرياً يحمل عذوبة المعنى والأحاسيس

 

 

وحلق الشاعر الفيلكاوي  بالحاضرين ليعيشوا معه في شريط ذكريات مابين ألم  الفقد والحنين للراحل عبدالعزيز البابطين إلى الأمل في نجله سعود البابطين ،فيقول في مرثيته

 

1.                 نجمٌ أجدَّ من العيونِ رحيـلا

 

ويلَ السُراةِ .. الفاقديكَ دليـلا

 

2.                 زُجَلًا وضَيَّعَها الطريقُ كأنَّها

 

عقدٌ تناثرَ دُرُّهُ تَذْيـلا

 

 

3.                 في مَهْمَهٍ قُذُفٍ كأنَّ بَهيمَهُ

صَدْرُ الحزينِ إذا أضاعَ خليـلا

 

4.                 تَلْوي بِمُصْعَبِهَا الفَلاةُ فَيَنْثَني

 

فَدِنٌ أحالَتْهُ السِّفارُ هَزيـلا

 

5.                 فأصابهُ ودْقٌ أثارَ هَواطِلًا

فَطَمى فَعَرَّقَ في البِطاحِ سِيـولا

 

6.                 ورواعدًا، وبوارِقًا، وصَواعِقًا،

وزوابعًا، وحَواصِبًا سِجّيـلا

 

7.                 حتى بدا سَعْدُ السعودِ تَخالُهُ

من بعدِ كافرةِ الخطوبِ رَسولا

 

8.                 فأتمَّهُ غشِمًا ببطنِ مخوفةٍ

 

وَحِدًا بِطُرْقِ نَجاتِهِ مشغــولا

 

9.                 فأراعَهُ فيها تَجاوُبُ ضُمَّرٍ

 

جُردٍ كَواسِبَ لا تُجيرُ دَخيـلا

 

10.              مُتَعَسِفًا جُدُدَ النَّجاةِ يَحُثُّهُ

حَذَرُ السِباعِ الضارياتِ عجـولا

 

11.              أفَذاكَ أَفْجَعُ! أم فُجاءةُ شاعرٍ

 

نَدَبوا إليهِ البابطينَ جَفـولا

 

12.              كَبُرَتْ بِنَعْيكَ صَيْحَةٌ فَتَكاذَبوا

 

فيها ويَسْألُ سائِلٌ مَسْؤولا

 

13.              يَتَجاذَبونَ الخطْبَ فيما بينهم

فاستَنْصَروا التَّكذيبَ والتأميلا

 

14.              والصِّدُقُ يَجْمُلُ في المواطِنِ كُلِّها

حاشى بِنَعْيِكَ أن يكونَ جميلا

 

15.              مُذْ قيلَ أَوْدى، والمَكارِمُ عُطِّلتْ

 

جَرَتْ الدُّموعُ على الخدودِ خُيولا

 

16.              فكأنَّني لمَّا صَحِبْتُكَ مودَعًا

عيني فأسبَلَكَ الرحيلُ مَسيلا

 

17.              أَلْقَيْتَ في كَبِدِ العُروبَةِ حَسْرَةً

يَبكي الفراتُ فَيَسْتَحِثُّ النيـلا

 

18.              أَعْطَلْتَ جِيدَ الدَّهرِ مُنذُ هَجَرْتَهُ

ومَلَأتَ آمالَ العُفاةِ أُفولا

 

19.              حَلَباتُ جُودِكَ ما خَلَتْ لَكِنَّما

شَكْوى فِراقِكَ ألْبَسَتْهُ نُحولا

 

 

20.              عاتَبْتُ فيكَ الدَّهرَ حتى أنني

لأراهُ من فرطِ العِتابِ خَجولا

 

21.              ورأيتُ شعري كُنتَ أأنسَ سامعٍ

 

فيهِ وقد غادَرتَهُ مملولا

 

22.              لأراكَ في المَلَكُوتِ ضاربَ قبَّةٍ

فيها تَعَلَّقتِ النجومُ سدولا

 

23.              ناديتَ بالشُّعراءِ : طِبْتُمْ فادخلوا

دَنَتِ القطوفُ وذُلِّلتْ تذليلا

 

24.              حتى إذا رُفعَ اللواءُ فَهالَهُم

مَلِكٌ يَزيدُ الناظرينَ ذُهولا

 

25.              مَنْ ساقَهم بلوائهِ لجَهَنَّمٍ

كيفَ استطاعَ إلى الجنانِ دُخولا!

 

26.              عبدالعزيزِ دعا العزيزَ تَضرُّعًا

مُسْتَشْفِعًا أن يُدْخِلَ الضليلا

 

27.              حامى عن الشعراءِ طولَ حياتِهِ

وأراهُ حتى في الجنانِ فعولا

 

28.              نالوا جميعًا حظَّهم من رفدهِ

لم يبقَ مخلوقٌ بها ما نيلا

 

29.              فإلى سعودٍ والسعودُ قليلةٌ

ولِمِثلِهِ يُلقي الزمانُ حمولا

 

 

30.              حاشاكَ أن تَذَرَ البناء مُعَطَّلًا

طَلَلًا نُعاوِدُ تُرْبَهُ تقبيلَا

 

31.              بل أحيِهِ بالشاعرينَ وبالندى

يُحي النفوسَ ويستَحِثُّ عقولا

 

32.              أنتم سراةُ البابطينِ كواكبٌ

مثل النجومِ طوالعًا وأفولا

 

33.              ما غابَ منها كوكبٌ إلا بدا

لك كوكبٌ يهدي السراةَ سبيلا

 

34.              فترى العزيزَ أبا سعودٍ مشعلًا

للسالكينَ إلى العلا قنديلا

 

35.              فسقاكَ رَبُّكَ في ثراكَ مَحامِدًا

تُتْلا عليهِ بُكْرَةً وأصيلا

 

                   

 

                   

 

أما الشاعر  حسام شديفات من الأردن  فقرأ نصاً شعرياً أكد جزالة لغته؛ والنص كان بعنوان" "سيِّدَةُ الرّملِ والموسيقى"

 

لجالسةٍ في البدوِ تُحصي رُكامَها

وتطوي كَما تطوى السّنينُ لثامَها

كأنَّ بناتِ الرّيحِ يركُضنَ حولَها

وأنَّ اللّواتي منذُ عُمرٍ أمامَها

تَجاعيدُ خدّيها نُدوبٌ قديمةٌ

تُمرِّرُ فيهنَّ الحياةُ سهامَها

لَها وَشمَةٌ خضراءُ تَعرِفُ أنَّها

حَرامٌ ولكنْ ما ألذَّ حرَامَها!

وجوديَّةٌ لم تُعنَ بالهاجِسِ الّذي

يُراوِدُنا أو لم تعرهُ اهتمامَها

وفارِسَةٌ بالحُبِّ والخيلُ فكرَةٌ

تؤرِّقُها إذْ لا تُطيقُ لجامَها

وقاحِلَةٌ جدّاً ولكنّها إذا

تَمرُّ على الصّحراءِ تُرخي غَمامَها

فتُنبِتُ موسيقى ويصبِحُ رملُها

سلالمَ تبني للسماءِ مقامَها

فليسَت بِـ "دُنكيشُوت" تبدأ قولَها

ولا بـ "ابنِ يقظانٍ" تُغيثُ كَلامَها

ولم تقتبس "آريسَ" إلياذَةً لَها

بل اكتشَفت من فطرَةِ الحُبِّ "سامَها"

تنامُ بحزنٍ يستبيحُ سريرها

وتصحو بِحُزنٍ يستحلُّ عظامها

تَدُسُّ بجيبِ الفجرِ فُنجانَ قهوَةٍ

وتفتحُ باسم الطّيّبينَ خِيامَها

لسيّدةٍ الإنسانِ والرّملِ والحَصى

ومَن دفّأتْ رَغمَ الشّتاءِ حَمامَها

بضِحكَتِها الأفراحُ تَبدأُ والأسى

يقلُّ وتختارُ الحُقولُ خُزامَها

 

وتوالت ابداعات الشعراء فانشد الشاعر إياد هاشم من العراق  قصيدة بعنوان "  يٰا رِمالَ الْكُوَيْت   " يقول فيها

لَوْ يَكِلُّ الْرِّثاءُ جادَ الْوَفاءُ

كَيْفَ لِيْ يَوْمَ غابَتِ الْجَوْزاءُ

كَيْفَ ناءَتْ عَنّٰا صُدُورُ الْقَوافِي

حِينَ حَلَّتْ بِرَحْلِهَا الشُّعَراءُ

كَيْفَ تَأْبَى الأَقْلامُ فِي دَوْحَةِ الْمَجْدِ ،

وَتَأْسٰى فِي فَقْدِكَ الْعَلْياءُ

مٰا تَحَيَّنْتُ فُرْصَةً لِلْمَراثِي

أَوْ دَعَتْنِي لِذِكْرِكَ الأَسْماءُ

بَلْ وَجَدْتُ الأَرْجاءَ حَزْنٰى لِفَقْدٍ

قَبْلَ حُزْنِي وَهَلْ سَيُجْدِي الْبُكاءُ

يٰا بَرِيقَ الْمِدادِ فِي حَضْرَةِ الْكُتْبِ ،

تَمَهَّلْ فَلِلْبُدُورِ سَماءُ

حَدَّثَتْنَا الدِّيارُ عَنْ ساكِنِيها

كَصُخُورٍ يَصُفُّهَا الْبَنّاءُ

كَيْفَ أَبْقَتْ مَعْناكَ فِي كُلِّ رُكْنٍ

فِضْتَ فِيهِ ، كَمٰا يَفِيضُ الإِناءُ

مٰا تَخَبَّتْ بَراعِمُ الشِّعْرِ يَوْمًا

فِي مُحَيّاكَ أَوْ تَبَدَّى الْخِباءُ

أَنْتَ فِي بارِقِ النَّشِيدِ قَصِيدٌ

وَنَشِيدٌ إِذا عَلَا الإِقْواءُ

يٰا لَيالِيكَ كَمْ تَساهَرْتَ طُرًا

لِتَرَى الْمَجْدَ شادَهُ الأَبْناءُ

يٰا رِمالَ الْكُوَيْتِ هٰذا ( أَبُو سعُودُ )

نَزِيلٌ ، وَيُكْرَمُ النُّزَلاءُ

أَنْتَ حِبْرُ الْكَلامِ فِي زَمَنِ الْعُقْمِ

وَدَرْسٌ وَيَصْمُتُ الْبُلَغاءُ

هَلْ يُعِيدُ الدُّعاءُ ماءَ الْقَوافِي

مِثْلَمَا الْغُيْثُ جادَهُ اسْتِسْقاءُ

ذَهَبَ الشِّعْرُ فِي غِيابِكَ فَالسَّطْرُ

كَئِيبٌ بِما يَجُودُ الْعَزاءُ

كَمْ تَشاهَقْتَ بِالْمَماتِ عَزِيزًا

يَوْمَ غارَتْ بِعَيْشِهَا الأَحْياءُ

رِيشَةً كانَ فِي جَناحِكَ جُودٌ

يَوْمَ طارَتْ بِذِكْرِكَ الْعَنْقاءُ

كَمْ يُنادِيكَ مِنْ بُحُورِ قَوافِيكَ

مَقالٌ ، هَلْ يُخْلَفُ الْخُلَفاءُ

جُدْتَ فِي كُلِّ مٰا يَجُودُ مِدادٌ

بِدَواءٍ لَمّا يَعِزُّ الشِّفاءُ

وَفَتَحْتَ الأَبْوابَ دُونَ رِتاجٍ

كَقُلُوبٍ وَمٰا لَهُنَّ رِداءُ

مِلْتَ كَالْبَدْرِ بَيْدَ أَنَّ الْعَطايا

لٰا يُدانِي بُدُورَهُنَّ الضِّياءُ

يَوْمَ خَلَّفْتَ بَيْرَقًا وَكِتابًا

شِئْتَ فِيها وَلَسْتَ مٰالا يَشاءُ

يٰا رِياضَ الأَغْلَيْنِ عِمْتِ مَساءً

أَخْبِرِينا فِيما أَصابَ الْمَساءُ

وَاحْزَنِي يَوْمَ يَحْزَنُ النّاسُ دَهْرًا

ذاتَ ذِكْرىٰ يُزَفُّ فِيهَا الدُّعاءُ

بَلِّلِينا بِالدَّمْعِ يَوْمَ التَّلاقِي

وَاكْظِمِي الْغَيْضَ لَوْ يَشِحُّ الْلِقاءُ

رَقِّقِي الْقَلْبَ يَوْمَ يَأْفَلُ نَجْمٌ

فَعَلَيْها مِنْ صُلْبِهِ سَيُضاءُ

يٰا رِمالَ الْكُوَيْتِ جُئْتُ وَحِيدًا

بِي مِنَ الْغَيْثِ مٰا يَجُودُ شِتاءُ

يٰا رِمالَ الْكُوَيْتِ هَلْ يُسْرَقُ الْجَفْنُ

فَيَأْتِي مِنْ صَحْوَةٍ إِغْماءُ

بِي مِنَ الشِّعْرِ مٰا يَحُثُّ الْقَوافِي

مُذْ أَصابَتْكَ طَعْنَةٌ نَجْلاءُ

مٰا تَعَوَّدْتُ أَنْ أَلُومَ ضُلُوعِي

ذاتَ كَسْرٍ لَمّا يَشُحُّ الدَّواءُ

أَوْ تَرَجَّيْتُ مِنْ مُعِينٍ عَصاةً

هٰكَذا كُنْتُ ، وَالْحَياةُ رَجاءُ

جِئْتُ أَسْعىٰ فَقَدْرُ يَوْمِكَ قَدْرٌ

لٰا تُدانِيهِ غايَةٌ وَعَطاءُ

يَوْمُ ذِكْراكَ لَمْ يَعُدْ يَوْمَ ذِكْرىٰ

رُبَّ مَوْتىٰ لٰكِنَّهُمْ أَحْياءُ

******

 

وكان مسك الختام مع الشاعر الإنسان الذي يحلق دائمًا في سماء الإبداع والإنسانية بشعره وجزالة الألفاظ ، فـــ كعادته يسلك الشاعر محمد البريكي خارطة التميز والإبداع في كافة الملتقيات والأمسيات الشعرية العربية والعالمية ، عازفًا على أوتار قصائده أعذب الألحان الشعرية بثلاثة نصوص  حلق من خلالهم بالحضور في عوالم إبداعية مضيئة لمس من خلالهم الحس الإنساني العاطفي الذي يلامس القلوب مباشرًة دون وسيط؛ ومن القصائد مرثية بعنوان "في البابطين يُقال"  وقصيدة بعنوان " على لسان أبي"  ، وقصيدة بعنوان " حَصيرٌ نابتٌ في الرّمل" ..يقول في قصيدة "على لسان أبي"

 

 

على اتِّساعِ مَدارِ الشِّعْرِ كانَ أبي

مجرَّةً تُوقِدُ الآفاقَ والشُّهُبا

 

ولا يزالُ ضفافًا تستريحُ على

جَمالِهِ أحْرُفٌ مشحونةٌ طربا

 

وحين يغلبُني شوقي لرؤيَتِهِ

أصيرُ كالمتنبّي قاصِدًا حَلَبا

 

أتيتُهُ غيمةً بالشعرِ سابحةً

فجاءَتِ الريحُ بي في كونِهِ سُحُبا

 

يقولُ.. والنخلُ يرخي فوقَنا سَعَفًا

وصبرُنا في جذوعِ النخلِ قَدْ صُلِبا

 

بُنيَّ قَدْ لا ترى سُقْمي ولا وَجَعي

أَخْفَيْتُ عَنكَ لِكَيْ لا تَحْمِلَ التَّعَبا

 

أنامُ والدَّمْعُ فَوْقَ الخَدِّ يُحْرِقُني

وإنْ صَحَوْتُ مَسَحْتُ الدَّمْعَ واللَّهَبا

 

وقَدْ كَتَمْتُ سُعالي رُغْمَ شِدَّتِهِ

لأرْفَعَ اللَّوْمَ والتَّقْصيرَ والعَتَبا

 

وكنتُ أعجِنُ كفّي ثمَّ أخْبِزُهُ

وكنتُ أجعَلُ أضلاعي لهُ حَطَبا

 

وكي تنامَ بلا جوعٍ تُصارعُهُ

جعلتُ وقتي نخيلًا تُسقِطُ الرُّطَبا

 

وكَيْ تكونَ كَبيرًا قُلتُ: لَيْسَ لهُ

في عَطْفِهِ شَبَهٌ والعَطْفُ ما ذَهَبا

 

لأنَّ مَنْ لَم يَكُنْ أبناؤُهُ مَثَلًا

فيما يُحدِّثُ عَنْهم.. هَلْ يكونُ أبــا!

 

إنّي أفتِّشُ كَيْ ألْقاكَ عَنْ سَبَبٍ

يُريحُني مِنْ عَنا شَوْقي.. فَكُنْ سَبَبا

 

وكُنْ لِضَعْفِ اصطِباري يا بُنيَّ عَصا

تُعَكِّز الصَّبْرَ والإحْساسَ والرُّكَبا

 

لِكَي أقومَ إلى لُقياكَ مُنْتَصِبًا

كَما تَقومُ إلى الأحْلامِ مُنْتَصِبا

 

وكي أخبئَ دمعي كنتَ تحضُنُني

وخلفَ ظهرِكَ كانَ الدمْعُ مُنْسَكِبا

 

فليسَ حزنًا على لقياكَ يا ولدي

لكنّهُ الشوقُ زفَّ الدمْعَ وانتحَبا

 

وقد تذكّرتُ من قد كانَ لي سندًا

وكانَ يحملُ عني الهمَّ والنّصَبا

 

وإن تعثّرتُ وهو الكهلُ.. يحملُني

كما حملتُ على أحلامِهِ الكُتُبــا

 

لكنَّهُ العمرُ قد أودى بهِ وغدا

هذا الوجودُ بُعيدَ النأيِ مكتئِبا

 

وعشتُ لا سِرْجَ لي كي أمتطي فرحي

ولا بُراقَ يشقُّ الريحَ والسُّحُبا

 

مُكَبَّلًا دونَما كفٍّ لتَسحَبَني

من قاعِ حزني فوجهُ الحزنِ ما كَذَبا

 

فإنْ ترجَّلَ عن سرجِ الحياةِ أبٌ

سنفقدُ الخيرَ والأفراحَ والطربا

 

وجِئْتَني أيُّها الغافي على هُدُبي

حُلْمًا يهُزُّ لساعاتِ اللِّقا الهُدُبا

 

فاجلسْ مكانَ أبٍ يحنو على ولدٍ

يخافُ إنْ عمرُهُ أضنى خُطاهُ حَبــا

 

فإنني بكَ طفلٌ شابَ مَفْرِقُهُ

وازدادَ من بِرِّكَ الحاني عليهِ صِبــا

 

فالكونُ دونَ أبٍ لا شيءَ ياولدي

فكُنْ بوصلِكَ لي في ذا الوجودِ أبــا

 

فقلتُ: يا شعرُ أمّا بعدُ.. قافيتي

على لسانِ أبي دوَّنْتُها خُطَبا

 

والقاعةُ الآنَ قالتْ: إنَّ قافيةً

يغيبُ عنها أبٌ لَنْ تُسْقِطَ الرُّطَبا

-----------

لَمْ يُهَيِّئْ لدمعتيهِ الكلاما

فجفا النومُ دربَهُ وتعامى

 

وعلى بابِ ليلِهِ كانَ صبًّا

عن ضجيجِ الرُّؤى توارى وصاما

 

وأتاني يقولُ: مرَّ نهارٌ

بين عينيَّ قَدْ أقامَ الخِصاما

 

فَلِمَ الآنَ يا صديقي دعاني

ولِمَ الآنَ في المساءاتِ حاما

 

وتَجَلَّتْ حَديقةٌ في فِراشي

فَجَعَلْتُ الفِراشَ فَوْقي غَماما

 

ثُمَّ لَمّا أَفَقْتُ جِئتُ بِقَلْبٍ

حِينَما جاءَ طارَ مِنّي حَماما

 

هكذا القلبُ حينَ يعشقُ يمضي

بالمحبّينَ في الحياةِ هُياما

 

دونَما طعنةٍ نموتُ اشتياقًا

دونَ سهْمٍ بِجُرْحِهِ نترامى

 

يا صديقي.. وأيُّنا سوفَ ينجو

إنَّ قيدَ المُريدِ باتَ لِزاما

 

فَدَعِ اللومَ.. إنَّ قلبي سعيدٌ

فلقدْ جاورَ السكونَ وناما

 

ثمَّ لمّا استفاقَ أقبلَ للـ

حيِّ يبني بدمعتيهِ الخِياما

 

للفقيرِ الذي تضوَّرَ جوعًا

ولدمعِ الجريحِ يُهدي الخُزامى

 

للدَّكاكينِ كمْ يُقَدِّمُ خُبْزًا

ساخِنًا في يديهِ يُجْلي الظَّلاما

 

ويُغَنّي لكلِّ صوتٍ جديدٍ

ويُغَنّي لأصدقائي القُدامى

 

ويُغنّي لنخلةٍ تمنحُ التَّــ

مْرَ وللعزْفِ يبني مُقاما

 

وبحرفِ القصيدِ أمَّ طيورًا

فكأنَّ النشيدَ كانَ إماما

 

وكأنَّ النهارَ طائرُ رُخٍّ

قامَ من موتِهِ يَزُفُّ الغراما

 

وكأنَّ الفِراشَ كانَ رمادًا

هلْ أنا كنتُ في الفِراشِ حُطاما؟

 

: لمْ تكنْ.. قالَ صوتُ طيرٍ بِقُربي

ولهذا استفاقَ شعري وقاما

 

يا صديقي وجذوةُ الشعرِ فينا

تشعلُ الليلَ موقدًا للنَّدامى

 

كمْ تعِبْنا منَ الفُراقِ صديقي

كمْ نزعْنا منَ الصُّدورِ سِهاما

 

إنّما الشعرُ يا صديقُ نديمٌ

وبِهِ في القلوبِ نِلْنا احتراما

 

نبَتَتْ غابةٌ منَ البوحِ فينا

فَتَنامى الكَلامُ عامًا فَعاما

 

والشعورُ الذي نُرَبّيهِ دوْمًا

يا صديقي بنبضِنا يتنامى

 

فاحملِ الدربَ في الحقيبةِ عنّي

وانتخِبْني مَسارِحًا وكلاما

 

فأنا قدْ نجحتُ في البحثِ عنّي

وعنِ الوصلِ قد أزحتُ الرُّكاما

 

عائِدٌ من غيابتي لستُ أدري

أيَّ عيرٍ تُعيرُ صمتي اهتماما

 

فَسَلامٌ على الرِّجالِ جَميعاً

وعلى البابِطين أُهْدي السَّلاما

 

وعَلَيْنا النِّساءُ هُنَّ سَلامٌ

وبِهِنَّ القَصيدُ فينا تَساما

 

 

bottom of page