top of page
كلمة رئيس المؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين في افتتاح المنتدى العالمي لثقافة السلام
١٣ يونيو ٢٠١٩

بسم الله الرحمن الرحيم

السيدُ رئيس جمهورية مالطا السيد جورج فيلا

السيدُ رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستن أرگانج توادرا

سموُّ الأمير تركي الفيصل

معالي رئيس مجلس الأمة الكويتي السيد مرزوق الغانم

السَّادَةُ الرُّؤسَاءُ

السَّادَةُ الوزَرَاءُ

السَّادَةُ السُّفَراءُ

السَّيداتُ والسادة الحُضورُ

السَّلامُ عليكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ وَبَركاتهُ،،،

يُسعِدُنا، في إِطارِ التَّعاونِ بينَ مُؤسسةِ عَبدالعزيز سُعود البابطين الثقافية والجَمعيَّةِ العامَّةِ للأُمَمِ المُتحدَةِ، والمَعهدِ الدولِيِّ للسَّلامِ، واللجنَةِ الدوليَّةِ للصَّلِيبِ الأَحمَرِ والهلال الأحمر وجَامِعَةِ ليدن ومؤسسة كارنجي قصر السلام، أَنْ نُرَحِّبَ بِكُمْ جَميعًا في هذَا المُنتدَى العَالَميِّ في مَحْكَمَةِ العَدْلِ الدَّوْلِيَّةِ بِقَصْرِ السَّلامِ في مَدينَةِ لاهَاي، والذي نَعقِدُهُ اليومَ بِحُضُورِ هذا الجَمْعِ الطيِّبِ مِنَ القَادَةِ وَالمُفَكِّرِينَ وَالأكادِيميينَ وَالإعْلاميينَ مِنْ كُلِّ أَنحَاءِ العَالَمِ، وإنَّ هذا المنتدى إنما هو بمباركةٍ من صاحبِ السموِّ أميرِ دولةِ الكويتِ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظَهُ اللهُ ورعاهُ الذي مَنحتْهُ الأممُ المتحدةُ لقبَ قائدِ العملِ الإنسانيِّ، فَمِنْ خلالِه وبهِ أصبحَتِ الكويتُ مركزًا للعملِ الإنسانيِّ، ونحنُ نسيرُ على نهجهِ ونتبعُ رؤيتَهُ في هذا المجال.

إِنَّ هَذَا المُنتَدَى ثمرَةٌ لِمُبَادَرَتِنَا باسْمِ المُؤَسسةِ حَولَ «ثقَافَةِ السَّلامِ مِنْ أَجْلِ أَمْنِ أَجْيَالِ المُستَقبلِ» التي قَدَّمْنَاهَا في جَلْسَتينِ مُتَتَالِيَتَينِ إلى الجَمْعِيَّةِ العَامَّةِ للأُممِ المُتحدَةِ في السَّابِعِ مِنْ سِبتَمبر عَامَ 2017 ثمَّ في الخَامِسِ مِنْ سِبتَمبَر 2018، بِهَدفِ تَدْريسِ مَبادِئ ثَقافَةِ السَّلامِ العادل بينَ الطلَبَةِ مِنَ الحَضَانَةِ إلى الجَامِعَةِ، وكُنَّا عَرَضْنَا حِينَهَا «المَنْهَجَ النَّمُوذَجَ» الذي أَعَدَّتْهُ المُؤسَّسةُ، وتَمَّتِ المُوَافَقَةُ عليهِ وَإقْرَارُهُ بالإجماع.

لَقدْ قَامَتْ مؤسستُنا معَ لَجْنَةٍ دَولِيةٍ وخُبَرَاءَ مِنَ العَالَمِ بإِعْدَادِ هذه المَنَاهِجِ الخاصَّةِ بذلكَ وَعَدَدُهَا سَبعَةَ عَشَرَ مَنْهَجًا والتي تَقومُ على الأَفكَارِ التي طَرَحْنَاهَا أمَامَ الجَمعيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، وَسَوفَ نُقَدِّمُهَا لَكُمْ في الجَلْسَةِ الخِتَامِيَّةِ لِهذَا المُنْتَدَى.

السيداتُ والسادَةُ..

إنَّنَا جَميعًا نَعيشُ وَاقِعًا مُؤلِمًا، حيثُ الحُرُوبُ المُدَمِّرَةُ والأوضاعُ الهشّةُ في عَدَدٍ مِنْ دُوَلِ العَالَمِ والمُجتَمَعَاتِ، وَبِسَببِ ذلكَ صَارَت السِّلْمُ الاجتِمَاعِيَّةُ في خَطَرٍ مُتَفَاقِمٍ، وَتَعرَّضَ التُّرَاثُ الثقافِيُّ الإنسَانِيُّ إلى تَدْميرٍ مُتَعَمَّدٍ وَمَقصُودٍ وَتَدَهْوَرت العَلاقَاتُ الاجتمَاعِيَّةُ وصَارَتْ المُوَاطَنَةُ المَحليَّةُ والإنسانيةُ تَعيشُ أَزْمَةً حَقيقيَّةً..

ولقد جَعَلْنَا مَوضُوعَ الدورَةِ الأُولَى لِهذَا المُنتَدَى الدّوليِّ حولَ تَدْريسِ ثقافَةِ السَّلامِ وحِمَايَةِ التُّرَاثِ الثقافِيِّ، ورَكَّزْنَا على العِرَاقِ واليَمَنِ مِنْ أَجْلِ حِمَايَةِ التُّرَاثِ الثقافِيِّ في هَذينِ البَلَدَينِ، وعلى جُمهورِيَّةِ أَفرِيقيا الوُسْطَى مِنْ أَجْلِ تَدريْسِ ثَقافَةِ السَّلامِ بَعْدَ تَعَرُّضِ السِّلْمِ الأَهليِّ فيها إلى انتِهَاكَاتٍ كُبْرَى تَجَاوَزَتْهَا بِسَلامٍ.

السيداتُ والسادَةُ..

لَقَدْ أَقَامَتْ مُؤسسةُ عبدالعزيز سُعود البابطين الثقافية سِلسِلَةً مِنْ دَورَاتِها ونَدَوَاتِها الخاصَّةِ في مَوضُوعِ حِوارِ الحَضَاراتِ والتعايش بين الأديان في عَددٍ مِنَ المُدُنِ والعَواصِمِ في القارَّةِ الأُوروبيَّةِ وغيرها، بَدَأَتْهَا عَامَ 2004 بِمدينةِ قُرطُبَةَ بإِسبَانيا تَحتَ رِعَايةِ العَاهِلِ الإِسبانيِّ الملكِ خوَان كَارلُوس، ثمَّ في عَامِ 2006 عَقَدَتْ دَورَتَها العَاشِرَةَ بالعَاصِمَةِ الفرنسيَّةِ بَارِيس برِعَايةِ الرئيسِ جَاك شِيرَاك.

وفي عام 2008 عقدت المؤسسة دورتها الحادية عشرة في دولة الكويت برعاية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حفظه الله ورعاه بعنوان: ثقافات ومصالح من محورين هما: محور صراع المصالح وتأثيره في المشهد الثقافي العالمي، ومحور: حوار الثقافات طريقةٌ إلى حل القضايا.

وَفي عَامِ 2010 أقَامَتِ المُؤسسةُ دَورَتَها الثانِيَةَ عَشرَةَ في سَرَاييفو برعايَةِ الدكتور حَارِث سيلاجِتش رَئيسِ مَجلِسِ الرِّئَاسَةِ في البُوسنةِ والهِرسِكِ آنذاك، ونسعد بوجوده معنا الآن في هذه القاعة.

وفي عَامِ 2011 أقمنا في دبي برعايةِ سموِّ الشيخ محمد بن راشد دورةً حولَ الشعرِ والتعايشِ السلمي.

وفي عَامِ 2013 أَقَامَتِ المُؤسَّسةُ دَورَتَها الثالثَةَ عَشرَةَ في مَدينةِ بُروكسل، وكانَتْ بعنوان «الحِوارُ العَربيُّ الأوروبيُّ في القَرنِ الحَادي والعِشرينِ.. نَحْوَ رُؤيَةٍ مُشتَرَكَةٍ، بمقرِّ برلَمَانِ الاتحادِ الأُوروبيِّ وبرعَايَةِ رَئيسِ البَرلَمَانِ آنذاك مَارْتِنْ شُولْتِزْ.

وَفي عَامِ 2015 عَقَدَتْ المُؤسسةُ دَورَتَها الخَامِسَةَ عَشرَةَ في مَدينةِ أُكسفُورد بالمَملَكةِ المُتحدَةِ بعنوان «عَالَمُنَا وَاحِدٌ.. والتَّحدِّيَاتُ أمَامَنَا مُشتَرَكَةٌ» بالتعاوُنِ معَ جَامِعةِ أُكسفُورد، وبرعَايَةِ اللورد بَاتِنْ حاكم هونغ كونغ سابقًا ورئيس جامعة أكسفورد حاليًّا.

وَقدْ حَضَرَ جَميعَ هَذهِ الدّورَاتِ وَالندَواتِ شَخصِيَّاتٌ سِياسِيةٌ وَفِكريةٌ وَإعلامِيةٌ مَرمُوقَةٌ يُمَثلُونَ رُؤَساءَ دُوَلٍ ورؤساءَ برلماناتٍ وَمُؤسساتٍ إِعلامِيةً وَأَكادِيميةً بَارِزَةً مِنْ مُخْتَلفِ دُوَلِ العَالَمِ.

وَكانَ هدفنا الأسمى هو إِرسَاءُ مَبدَأ الحِوَارِ والتفَاهُمِ بينَ الثقافَاتِ الإنسانية وَالأدْيَانِ المُختَلِفَةِ، ومن أجل إِنْهَاءِ النِّزَاعَاتِ المَذْهَبِيَّةِ والعِرْقِيَّةِ وإِعْلاءِ قِيَمِ الحَقِّ وَالتَّعَاوُنِ وَالسِّلْمِ بينَ شُعُوبِ الأرْضِ قَاطِبَةً.

وَقد كانَ لذلك مَرْدُودٌ إِيجَابِيٌّ كبيرٌ خُصُوصًا في الجَانِبِ الثقَافِيِّ وَالأكادِيميِّ كَإقامَةِ عشراتِ الكراسي الخاصةِ بِحِوَارِ الثقافاتِ والدِّراساتِ التاريخيَّةِ في الجَامِعَاتِ الأُوروبِيَّةِ وَالأَمريكيَّةِ والآسيويَّةِ والعَربيَّةِ والأَفريقيَّةِ.

السَّيداتُ والسَّادَةُ..

إنَّ هذا المُنتَدَى اليومَ لَيسَ تَتويجًا لِمَسَارِ المُؤسسةِ بَلْ فَاتِحَةٌ لِبدَايَةِ مَسارِ عَمَلٍ، بِقدْرِ ما يبدُو عَسِيرَ المَنَالِ، فَهُوَ سَهْلٌ في مُتَناولِنا، شَرْطَ تَوفُّرِ الصِّدقِ والعَزيمَةِ، وَإنَّنا نَأمَلُ أنْ تُبَادِرَ دُوَلُ العَالَمِ إلى تَضْمينِ مَناهِجِ السَّلامِ السَّبعَةَ عَشرَ في مَنَاهِجِها التعليمِيَّةِ، ونُعَبِّرُ عَن استِعدَادِنَا للمُسَاعَدَةِ في هذا الغَرَضِ.

كَمَا نَتَطَلَّعُ بِكُلِّ أَمَلٍ ومَعنَا المُؤمنونَ بِقِيَمِ السَّلامِ العَادِلِ للعَملِ مِنْ أَجلِ المُحَافَظةِ على إِنسانِيةِ الإنْسَانِ، وعَلَى قِيمِ الإنسَانيةِ الرَّفيعَةِ وتُرَاثِهَا الأَصِيْلِ، وليسَ هَذا مُمْكِنًا إلَّا إِذا جَعَلْنا السَّلامَ العادلَ ثَقافَةَ حَياةٍ يَوميةٍ.. وأنْ يَتَّجِهَ فِكْرُنَا لِجَعْلِ السَّلامِ العادلِ أَصْلاً فيهِ، وَأنْ تَتَعطَّرَ لُغَتُنا اليوميَّةُ بالسَّلامِ..

إنَّ ثقافَةَ السَّلامِ العادلِ تَجعلُ مِنَّا كائِناتٍ للسَّلامِ.. وهَذا ما تَحتاجُهُ الإنسانيةُ وهو السَّلامُ العادلُ والوِئامُ.

يا قادةَ العالمِ ضَعُوا - رجاءً - في أذهانِكم بأنكم جئتم لِتعميرِ الأرضِ وحمايةِ مَن عليها وليس لِتَدميرِها بهذهِ الأسلحةِ الفتاكةِ، لتشكُرَكُم الأجيالُ القادمةُ وتذكرَكم بالخيرِ والثناءِ.

ولا بدّ أن نعملَ جميعًا على تجفيفِ منابعِ الإرهابِ، وذلك يكونُ أولاً بتجفيفِ منابعِ الظلمِ، كالظُّلمِ الذي وقعَ على الشعبِ الفلسطيني..

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،

bottom of page