top of page
رئيس المؤسسة في كلمة ألقاها نيابة عنه الأمين العام عبدالرحمن خالد البابطين: حدث يتجاوز مجرد الحوار والتواصل نحو الفهم وبناء ثقافة جامعة
١٠ أكتوبر ٢٠١٨

مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية افتتحت بهولندا "مركز البابطين جامعة ليدن للثقافة العربية"  افتتحت مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية أمس الأربعاء مركزاً في هولندا أطلقت عليه اسم: "مركز البابطين جامعة ليدن من أجل الثقافة العربية"، حيث أقيم حفل ضخم في المدرج الكبير بجامعة ليدن في هولندا. حضره سفير دولة الكويت لدى مملكة هولندا عبدالرحمن العتيبي وكبار الأكاديميين في الجامعة وشخصيات ثقافية واجتماعية.وقام كل من الأمين العام للمؤسسة عبدالرحمن خالد البابطين الذي مثل رئيس المؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين، وعميد كلية العلوم الإنسانية بجامعة ليدن مارك روتجرز بتوقيع اتفاقية إنشاء المركز بحضور رئيس الجامعة كارل ستولكر، والمدير العام للمؤسسة الدكتور تهامي العبدولي.وفي كلمة لرئيس المؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين ألقاها بالنيابة عنه الأمين العام عبدالرحمن خالد البابطين، شكر من لهُم الفضلُ الكبيرُ في تأسيسِ "مَركز البابطين جَامعة لِيدن مِنْ أجلِ الثقافَةِ العربيَّة" وقال: أخصُّ بالذِّكرِ السيدَ رئيسَ الجامعةِ والسيدَ عَميدَ كُليَّةِ العلومِ الإنسانيَّةِ، والأستاذةَ بيترا سيبستجان، والسيدةَ آن ميكي بشهوفل. واسمَحُوا لي أَنْ أُهَنِّئكُمْ بمِثلِ ما أُهنِّئُ نَفسِي بافتتاحِ هذا المَركَزِ ، ومِنْ خِلالِكُمْ أُهنِّئُ مملكةَ هُولندا والجامِعَاتِ الأوروبيَّةَ ودَولةَ الكويتِ والجامِعَاتِ العربيَّةَ بتحقيقِ هذا المَكسَبِ الثقافيِّ المُشتَرَك.وفي ما يلي نص الكلمة كاملة:السَّيدُ رَئيسُ الجامِعَةالسَّيدُ عَميدُ كُليَّةِ العُلُومِ الإنسانيَّةالسَّادةُ الأَسَاتِذَة السَّادَةُ الدبلُوماسِيُّون السَّيداتُ والسَّادةُ الحُضُوراسمَحُوا لي في البدايَةِ أنْ أقدِّمَ خَالِصَ الشُّكرِ والتقديرِ لِمنْ لهُم الفضلُ الكبيرُ في تأسيسِ "مَركز البابطين جَامعة لِيدن مِنْ أجلِ الثقافَةِ العربيَّة" وأخصُّ بالذِّكرِ السيدَ رئيسَ الجامعةِ والسيدَ عَميدَ كُليَّةِ العلومِ الإنسانيَّةِ، والأستاذةَ بيترا سيبستجان، والسيدةَ آن ميكي بشهوفل. واسمَحُوا لي أَنْ أُهَنِّئكُمْ بمِثلِ ما أُهنِّئُ نَفسِي بافتتاحِ هذا المَركَزِ اليومَ، ومِنْ خِلالِكُمْ أُهنِّئُ مملكةَ هُولندا والجامِعَاتِ الأوروبيَّةَ ودَولةَ الكويتِ والجامِعَاتِ العربيَّةَ بتحقيقِ هذا المَكسَبِ الثقافيِّ المُشتَرَك. أودُّ أنْ أُقدِّمَ رُؤيَتِي في هذهِ اللحظَةِ التاريخيَّةِ الخاصَّةِ بالنسبةِ إليّ واللحظَةِ الفَارِقَةِ في تاريخِ الثقافَةِ العربيةِ حَولَ دَلالاتِ تأسيسِ هذا المَركزِ، وأُجْمِلُ ذلكَ في ثَلاثٍ: الدَّلالَةُ الأولى، هيَ دلالَةُ التواصُلِ الثقافِيِّ، فهذا المَركَزُ هُوَ قبلَ كُلِّ شَيءٍ جِسرٌ ثَقافيٌّ Cultural Bridge بما يَعنيهِ ذلكَ مِنْ انفِتاحٍ وتواصُلٍ بينَ ثقَافَتَينِ، إنَّهُ يُلغِي الحُدودَ الجُغرافيةَ المَوضُوعةَ سياسيًّا ويَنطَلقُ نَحوَ آفاقِ الثقافَةِ ورَحَابَتِها بشكلٍ أَوسَعَ لأنَّ المَعرِفَةَ لا حُدودَ لَها. ومِنَ الواضِحِ اليومَ أنَّ إشكَالِيَّةَ التواصُلِ الثقافيِّ بينَ مُختَلَفِ الثقافاتِ في كلِّ بِقاعِ العالَمِ هيَ واحِدَةٌ مِنْ أكثرِ الإشكالياتِ إلحاحًا، ولا أقصِدُ هُنا التوَاصُلَ السطحيَّ بلْ التواصُلَ العَميقَ البنَّاءَ على أساسِ الفهْمِ والمَوضُوعيةِ والاحتِرَامِ والنِّدِّيَّةِ. السُّؤالُ المركَزيُّ يَظلُّ: هَلْ التواصُلُ بينَ الثقافاتِ أو الحِوَارُ هوَ غايةٌ في حدِّ ذَاتِهِ؟ أَمْ هوَ وَسيلةٌ للفَهمِ والتَّمثُّلِ والتفَاعُلِ الإيجابيِّ؟. في هذا الإطارِ أعتقدُ أنَّ تأسيسَ هذا المَركزِ هُوَ حَدَثٌ تاريخيٌّ يتَجاوَزُ مُجَرَّدَ الحِوَارِ والتواصُلِ نحوَ الفَهمِ والتمَثُّلِ وبِنَاءِ ثقافَةٍ جامعةٍ.. الدَّلالَةُ الثانِيَةُ: هِيَ التنويرُ المُتَبادَلُ، فَمِنْ خِلالِ المَركزِ سيَحْدُثُ تَنويرٌ مُتبادَلٌ على نَحوِ ما كانَ قديمًا، لمَّا كانَتِ الثقافَةُ العربيةُ تتفَاعَلُ معَ الفلسَفَةِ الإغريقيةِ تفاعُلاً بنَّاءً فَنَحَتَتْ قِيَمَها وأَصَالَتَها مِنْ مَناهِلَ مُتعدِّدَةٍ ومَا كانَتْ تَتحرَّجُ مِنْ ذَلك، وأذكرُ هُنا تَرجَمَةَ (متَّى ابن يُونس) للكُتبِ اليُونانيةِ واشتِغَالَهُ بالمَنطِقِ وكذلكَ تِلميذَهُ (الفارَابِي) في القرنِ العاشِرِ المِيلادي. ثمَّ كانَ لاحقًا لابنِ رُشْدٍAverroes والرُّشْديَّةِ Averroism في القَرنِ الثاني عشَرَ المِيلادِي دورٌ مهمٌّ، فَمِنْ خِلالِ استيعابِ فِكرِهِ بَنَتْ أُرُوبّا جانِبًا مُهمًّا منْ حَدَاثَتِها وتَنويرِهَا.. وينبَغي كذلكَ التذكِيرُ بِسيرُورَةِ الحَدَاثَةِ العربيةِ المُعاصِرَةِ التي كانَ الفضْلُ الكبيرُ فِيها للحَدَاثَةِ الغربيةِ وخاصَّةً لِفَلاسِفَةِ عصرِ الأنوارِ الأُورُوبِيينَ في القرنِ السابِعَ عَشر وعلى رأسِهمْ فيلَسُوفُ هُولندا (سبينوزا) صِاحبُ أحَدِ أهمِّ كُتبِ العَصرِ "رِسالةٌ في اللاهُوتِ والسِّيَاسَة". ولا تفوتُني الإشارةُ إلى أهمّ رحلةٍ قام بها الرحّالةُ العربيُّ الأندلسيُّ أحمدُ بنُ قاسمٍ الحَجَري المشهورُ بأَفُوقَايْ Abogado (المُتوفّى سنة 1640 ميلادي)، وكانت رحلتُهُ المعروفةُ "برحلةِ أفوقاي في وَصفِ لاَهَايْ" بين 1611 و1613 ميلادي، وهو أولُ عربيِّ يُقدمُ هُولَندَا إلى العربِ واصفًا لاهاي وأمستردام. وقد عرضَ قضيّةَ المٌورِيسكيّين الفارّينَ منَ الاضْطهادِ منَ الأندلُسِ وأَشادَ بالْمَوقفِ النّبيلِ للهُولنديين الذين أنقذُوا عددًا من المسلمين. وفي جامعة لايدن حيثُ نحنُ اليومَ أَجْرَى أفُوقَايْ اتصالاتٍ بأَوائلِ المُستشرقينَ وخاصّةً بتُومَاسْ أَرْبِنْيُوس المُتوفّى سنة 1624 ميلادي، وهو أوّلُ من نشرَ كتابًا في النًحوِ العربي. ولكأنَ التاريخَ اليومَ يُعيدُ نفسَه بشكلٍ أجملَ، حيثُ ألتقيكُم في جامعة لايدن مُجدّدًا تلك الرحلةَ، ولكن هذه المرةَ من الكويت، ومُعيدا التواصُلَ بين الثقافةِ العربيّةِ والثقافةِ الهولندية من خلال هذا المركزِ. إنَّ التنوِيْرَ ليسَ حَركَةً أُحَاديَّةَ الاتجَاهِ، بلْ هوَ فِعلٌ فِكريٌّ جَماعِيٌّ وحَركَةٌ ثقافِيَّةٌ تَجديديَّةٌ مُستَمرَّةٌ مِنَ النقدِ غايَتُها التقدُّمُ. إنَّهُ ما يَنبَثِقُ مِنْ جَوهَرِ العلاقةِ التاريخيةِ الحَضَاريةِ الثقافِيةِ بينَ الشُّعوب. إنَّ مُهمَّةَ المركَزِ أنْ يُراجِعَ بِوعيٍ نقديٍّ تاريخيٍّ العلاقَةَ التنويريَّةَ بينَ الحَضَارَتينِ العربيةِ والغربيةِ، أيْ التنويرِ الذي أتَى مِنَ الشرقِ والذي أتَى مِنَ الغربِ في عُصُورٍ تاريخيةٍ مُعيَّنةٍ وصَهَرَ مُنتجَاتهِ ضِمنَ تنويرٍ جديدٍ نَجِدُ فيهِ أنفُسَنا وذَوَاتِنا الثقافِيَّةَ والمَعرِفيَّةَ. إنَّنا بهذا وبهذا فقط نُضفِي المَعنَى على عَلاقاتِنَا التاريخيَّة. الدَّلالَةُ الثالِثةُ هيَ التعدديَّةُ الثقافيَّةُ: مِن خِلالِ تأسيسِ هذا المركزِ نَحنُ نؤكِّدُ للعالَمِ أننا كائِنَاتٌ ثقافِيةٌ حُرَّةٌ طَليقَةٌ تَكسِرُ القيودَ، لا تَرتَوي مِنْ ثقافَةٍ واحدَةٍ هيَ وقفٌ عليها بل تَطلبُ كلَّ الثقافَاتِ كي تَرتَوي مِنها جَميعًا ومنهَا تنحتُ ثقافةً أعلى هيَ ثقافَةُ السلام. وإنِّي على يَقينٍ أنهُ منْ خِلالِ هذا المَركزِ وغَيرهِ منَ المرَاكِزِ التي لهَا نفسُ المُهمةِ يُمكنُ أن نُؤسسَ فضاءً آخرَ حيثُ "هِيَ وهُو" و"هنَّ وهُم" "ونحنُ جميعًا" معًا نؤكِّدُAffirm ثقافاتِنَا المُتعددةَ والواحِدَةَ في الوقتِ نفسهِ أو بالعِبارَةِ اللاتينيةِE Pluribus Unum أي Out of many one ، أي واحدٌ مِنَ المُتَعددِ أو المُتعدِّدُ في واحِد. هذا المَعنَى نفسُهُ هوَ ما عَرضْتُهُ بصِفَتِي صاحِبَ مَشرُوعِ "ثَقافَةِ السلامِ مِن أجلِ أمنِ أَجيَالِ المُستقبل" في خِطَابي في الجَمعيةِ العامَّةِ للأُممِ المُتحدةِ بنيويورك يومَ 5 سبتمبر 2018 في المُنتدَى رَفيعِ المستَوى لِدَعمِ ثقافَةِ السلامِ قائلاً: "ثقافةُ السلامِ عَالَمٌ جَوهَرُهُ التنوُّعُ، فيه كلُّ اللّغاتِ وكلُّ الثقافاتِ وكلُّ الأديانِ، بِبَسَاطَةٍ هوَ عالَمُ الإنسانِ المُتَعَدِّدُ الأبعادِ". السيدُ رئيسُ الجامِعَة،، السادَةُ الحُضُور،، حينَ نَقرَأُ تاريخَ العلاقاتِ الثقافيةِ بينَ حَضارَاتٍ تأتَلِفُ وتَختَلِفُ إنْ قليلاً أو كثيرًا، لابدَّ منْ فهمِ السِّياقِ التاريخيِّ، ففي لحظةٍ تاريخيةٍ مُعيَّنةٍ كانَ السِّياقُ سياقًا إغريقيًّا ثمَّ صارَ سِياقًا عَربيًّا وهوَ الآنَ دُونَ شكٍّ سِياقٌ أوروبيٌّ، بمعنَى أنَّ العوامِلَ المُؤثِّرةَ ثقافيًّا اليومَ هيَ الأوروبيةُ ويجبُ تَبَيُّنُ عامِلِ التأثيرِ الرئيسِ على نَظرةِ كلِّ طَرَفٍ إلى مَوقِعِهِ ومُساهَمَتهِ وخَاصةً تحليلَ مَدَى جاهزيةِ كلِّ طرفٍ للتكيُّفِ مع حُضورِ الآخرِ في ثقافَتِهِ. وفي السِّياقِ الأوروبيِّ اليومَ "يُشكِّلُ المُجتمعُ المُتعدِّدُ القائِمُ على احترامِ كافَّةِ المُشاركينَ، وتقديرِ المُساهمَةِ البنَّاءةِ لكلِّ فردٍ، وشُعورُ الجميعِ بأنَّ المجتمعَ يرحِّبُ بِوُجودِهم، نموذجًا لمْ يَسبقْ لهُ مثيلٌ"، وذلكَ ما سَمَحَ بالتعدُّديةِ الثقافيةِ والدينيةِ، وسمَحَ كذلكَ باندِمَاجٍ مَعقُولٍ. إنَّ سؤالَ أيَّةِ ثقافَةٍ: هوَ كيفَ تنتَمِي انتماءً كاملاً في الحُقوقِ والواجِبَاتِ إلى العالَمِ المُشتَركِ بينَنَا؟ وكيفَ تَنتَقِلُ مِنْ وضعِ ثقافَةٍ ليسَ لها فُرصَةُ التعبيرِ عنْ وُجُودِها إلى ثقافَةٍ تُعبِّرُ عنْ وُجُودها لتؤسسَ هذا العالَمَ المُشترك. وحينَ تُمْنَحُ الفُرصَةَ، وقد مُنِحَتْ فِعلاً، عليها ألَّا تَنفصِلَ عنْ ثقافةِ المُجتمعِ الذي تعيشُ فيه، بلْ أنْ تُؤكدَ تَضامُنَها والتِحَامَها مَعَها، وأنْ تتصَالَحَ معَ كُلِّ المُختَلِفِ مَعها منْ أجلِ الإنسانية. هذا هُوَ المَشرُوعُ الذي نعملُ منْ أَجلِهِ مِنْ خِلالِ نَشرِ ثقافَةِ السلامِ كمَا تعلمُون. صحيحٌ أنَّ العالَمَ هُوَ قبلَ كُلِّ شيءٍ صِيغَةُ تعبيرٍ عنِ الذَّاتِ، ولكنْ لا تُوجَدُ صِيغَةُ تعبيرٍ عن الذاتِ دُونَ أنْ تَمرَّ ضَرورةً بصِيغةِ الآخَرِ في التعبيرِ عن ذَاتِهِ. إنِّي أُدرِكُ أيُّها الإخوَةُ أنِّي مُؤْتَلِفٌ مَعَكُمْ، وأَتَمَاهَى مَعَكَمْ، لأنِّي أَشتَرِكُ معَكُمْ في المُخْتَلَفِ بيننا... هكذا هيَ رُؤيتي، أو هكذا هيَ رُؤيةُ الشاعرِ للأشياء... أختمُ بِعبارَةٍ كنتُ كَتَبتُها في كتابِي (تأمُّلاتٌ منْ أجلِ السلامِ) الذي بينَ أيديكمْ: "أنا لا زَمَنَ لي، ولا أرضَ ولا حُدُودَ ولا وَطَن، بلْ كلُّ الأزمانِ أَزمَاني، وكلُّ الأرضِ أَرضِي، وكلُّ الحُدودِ حُدودي، وكلُّ الأوطانِ أوطَانِي، أنا عَابرٌ كلَّ التواريخِ والأوطَانِ والأرضِ والحُدودِ.. أنا في كلِّ العالَمِ لا وَطنَ لِي إلَّا أَنتُم".. هذا وتحدث في حفل الافتتاح أيضاً كل من: مديرة "مركز البابطين جامعة لايدن من أجل الثقافة العربية" بيترا سيجباستيجن ، والأستاذة الزائرة للمركز من جامعة شيكاغو وداد القاضي، وأقيمت على هامش الافتتاح أمسية شعرية للشعراء: عبدالله الهطلاني وآن فيتجر وحنين عماري. 

bottom of page