top of page

الثقافة السعودية تدشن برنامج الابتعاث الثقافي لتدريس التخصصات الفنية والثقافية

الثقافة السعودية تدشن برنامج الابتعاث الثقافي لتدريس التخصصات الفنية والثقافية

أكد عدد من المثقفين على أن برنامج الابتعاث الثقافي الذي أعلن عنه وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل سعود لدراسة التخصصات الفنية والثقافية في أرقى الجامعات للطلبة والطالبات في مجالات متنوعة مثل علم الآثار والمتاحف والموسيقي والمسرح وصناعة الأفلام سيعيد للثقافة السعودية هيبتها ويخرجها من دائرة الركود إلى بريق الأضواء والحراك الثقافي المتنوع الثري الذي يتميز به تاريخ المملكة والذي يأتي متناغماً مع رؤية المملكة خاصة، وأن الشعب السعودي يزخر بالمبدعين الذين استطاعوا أن يثيروا الانتباه بإبداعاتهم في مختلف الفنون؛ كما أن الابتعاث الخارجي سيحل أهم الصعوبات التي تواجه الحركة الفنية بالمملكة وسيساهم في تحسين جودة الحياة وإنشاء العديد من الأكاديميات والمعاهد المتخصصة.تاريخ الثقافة السعودية

ويرى سلطان البازعي مستشار بوزارة الثقافة أن الثقافة والفنون في المملكة العربية السعودية لها عمق تاريخي ثري للغاية حتى مع نقص التعليم الأكاديمي، والتدريب العلمي المنهجي لهذه الفنون، فالإنتاج السعودي في مختلف فروع الثقافة والفنون كان دائماً حاضراً عبر عدد كبير من المبدعين الذين يزخر بهم تاريخنا وحاضرنا، والسعوديون كانوا دائماً من أكبر المستهلكين للنتاج الثقافي والفني حتى حينما لم تكن هناك رؤية متكاملة لرعاية الفنون واعتبارها جزءاً من نمط الحياة، ورافداً مهماً للناتج الاقتصادي الوطني، حتى جاءت رؤية المملكة 2030 لتعيد للثقافة مكانتها التي تستحق، فهذه الرؤية كانت -من وجهة نظري- أول وثيقة خطة حكومية تعطي للثقافة والفنون هذه المكانة التي تليق بالعمق الحضاري لبلادنا، بل إن برنامج جودة الحياة وهو أحد أهم برامج الرؤية نص بشكل واضح على أن الثقافة يجب أن تصل إلى مستوى أن تسهم بما نسبته 3 % من الناتج الاقتصادي الوطني.

مشروعات ثقافية

وأضاف البازعي قائلاً: جاء إنشاء وزارة الثقافة تعزيزاً وتنفيذاً عملياً لهذا التوجه، حيث اتضح من الرؤية الاستراتيجية التي أعلنتها الوزارة الاهتمام البالغ بالثقافة والفنون بمفهومها الشامل وبفروعها الستة عشر، وكان من الطبيعي أن تهتم الوزارة بتطوير الكوادر وتعزيز المواهب عبر التعليم المنهجي، وكان من أهم معالم الاستراتيجية الثقافية هو تأسيس أكاديميات الفنون التي أعلن عنها سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، ولكن وفي خط موازٍ جاء برنامج الابتعاث الثقافي الذي أعلن عنه مؤخراً، كما جاء الاتفاق بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم لإدراج الثقافة والفنون في مدارس التعليم العام، وكذا تشجيع الترخيص لاستحداث تخصصات في الفنون في الجامعات السعودية، أو تأسيس معاهد خاصة بما فيها افتتاح فروع لمعاهد وكليات عالمية متخصصة. وهذا الجهد المكثف يعني أن المبدعين السعوديين الذين تصدروا المشهد الثقافي العربي بأعمالهم بجهود ذاتية، في الأدب والفنون البصرية والموسيقى والمسرح والسينما، سيجدون ما يعزز قدراتهم الإبداعية بالتعليم في قائمة من أرقى الجامعات العالمية في هذه المجالات وفي مجالات أخرى ليس أقلها العمارة والتصميم والأزياء وفنون الطهي، كما أن الخطط الخاصة بأكاديميات الفنون التي يجري التحضير لافتتاحها ستتبنى أفضل ما وصلت إليه التجارب العالمية من برامج تعليم أكاديمي، وتدريب مهاري في هذه الفنون.

اكتمال الصورة

وأكد على أن الابتعاث الثقافي وتأسيس الأكاديميات والمعاهد هو جزء من الصورة التي يجري رسمها لمستقبل الثقافة السعودية، الجزء الأكبر سيكون في تأسيس بيئة عمل مشجعة للمبدعين والمبدعات في هذه البلاد وجعل عملهم جزءاً أساسياً من الحياة اليومية للمواطنين ومكملاً ضرورياً لجودة الحياة، وسيتم ذلك بوضع تنظيمات مشجعة ومحفزة على الإبداع تم الإعلان عن بعضها والبعض الآخر قيد الإعداد. ولسمو وزير الثقافة عبارة يرددها دائما حين يقول: «القادم أجمل».

فرحة الابتعاث

ويقول الأستاذ عبدالعزيز السماعيل رئيس مبادرة المسرح الوطني بوزارة الثقافة: إن إطلاق مبادرة الابتعاث عبر تغريدة لوزير الثقافة أسعدت الوسط الثقافي لأننا منذ زمن طويل والجميع ينتظر مبادرة الابتعاث الخارجي للتخصصات الثقافية الفنية لسنوات حيث لا يمكن أن تنشئ مشروعاً ثقافياً من دون متخصصين دارسين وأكاديميين والابتعاث الخارجي سيحل أهم الصعوبات التي تواجه الحركة الفنية بالمملكة, فهناك بعض الطلبة الذين مازالوا يدرسون على حسابهم الخاص في بعض المجلات الفنية ويجدون صعوبة في إتمام دراستهم وتحقيق حلمهم وهناك الكثير من الطلبة الذين تمنوا أن يتخصصوا في مجال الثقافة والفنون، ولم يستطيعوا لعدو وجود الفرص المناسبة كل هذه المعاناة انتهت مع مبادرة وزارة الثقافة للابتعاث الخارجي. واذا رغبنا في سرد مجالات الفنون والتي أطلقتها وزارة الثقافة كاستراتيجية فنحن نحتاج إلى كوادر كثيرة تكون متخصصة ومؤهلة لأنها ستكون الرافد والداعم لمستقبل الثقافة في المملكة، وبالتالي فإن راهن المشروع هو راهن حقيقي ومهم لمستقبل الثقافة، ومشروعات وزارة الثقافة في المملكة، فالابتعاث سيجعل أبناءنا على مستوى عالٍ من الجانب العلمي وسيصبح أكاديمياً متخصصاً من خلال احتكاكه بالتجارب العالمية، وسيصبح لديه القدرة على البحث والدراسة وتقديم تصورات مستقبلية جميلة، وستصقل المواهب الفنية وزارة الثقافة ومن خلال توجه الابتعاث أضافت إلى برامجها خطوة في المسار الصحيح ستكون نتائجها إيجابية على الحركة الفنية في المملكة في ظل المبادرات الأخرى مثل إنشاء أكاديميات للفنون وفق مواصفات عالمية في جميع تخصصات الفنون.

صناعة الثقافة

ويشير المخرج ممدوح سالم إلى أن الهوية الثقافية هي دائماً كل ما تقدمه الثقافة والفنون والابتعاث في تخصصات مختلفة مثل المسرح والسينما مطلب أساسي من أجل إبراز هويتنا الثقافية السعودية، والتي كانت خلال الفترة السابقة غير واضحة بشكل كامل وكانت مختصرة في فن الفلكلور، ولكن المسرح والسينما والمشاركات فيها خجولة وعلى مستوى فردي والابتعاث خطوة مهمة في تخصصات مختلفة وبدرجات علمية متفاوتة بين البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، وما أجمل أن تحمل هذه الدرجات العلمية تخصصات فنية في صناعة مختلف الفنون لأننا بحاجة لمن يضع أسساً متينة وعلمية من الخريجين لهذا النوع من الصناعة لأن صناعة السينما ضخمة، وتعد مورداً اقتصادياً ثرياً، ودولة أميركا تعد الرقم الأول في هذا المجال تليها الهند وكوريا ومصر، والكثير من الدول تعتمد على اقتصاد السينما والمملكة وضمن رؤية 2030 سيكون لديها مداخيل اقتصادية متنوعة من ضمنها الثقافة والفنون وخلال السنوات القادمة عندما يكون لدينا متخصصون في الفنون المختلفة لأن الجانب التعليمي مهم لتأسيس صناعة حقيقية للثقافة والفنون. وهؤلاء المبتعثون سيقومون بالتدريس والإدارة في الأكاديميات المختصة في الفنون التي تم الإعلان عنها في وقت سابق في مدينتي الرياض وجدة وستستفيد منهم الجامعات والمعاهد المتخصصة والمراكز الثقافية مثل الأوبرا والغاليري.

متطلبات المرحلة

وقال الدكتور عبدالله السلمي رئيس النادي الأدبي بجدة: إن الابتعاث الخارجي الذي أعلنت عنه وزارة الثقافة أبهج الوسط الثقافي بمختلف فنونه، وجاء في وقته المناسب خصوصاً أن المرحلة القادمة بحاجة لهذا النوع من الكوادر المتعلمة المؤهلة والمدربة، لأن فنون المسرح وجوانبه المتعددة والتي تتزامن مع الابتعاث الخارجي جميعها من متطلبات المرحلة القادمة ومن القوة الناعمة التي لابد أن تكون حاضرة في أعمدة دولتنا الفتية، ومن جانب آخر فإن فتح باب الابتعاث هو بمثابة أفق و وبناء وتزود بالمعرفة واحتكاك بتجارب الآخرين وجاء في وقته لأننا في مرحلة انعطاف حقيقي تجاه الالتفات لهذه الفنون التي همشت زمنا طويلاً وحان الوقت لنعيد لها الحياة من خلال الابتعاث للموهوبين خاصة، وأن إنشاء الفنون المتميزة بحاجة لكوادر بشرية متعلمة ومدركة لأهمية المرحلة القادمة لأنهم هم من سيقودون دفة الثقافة إلى مصاف الدول المتقدمة في هذا المجال، بل ويستطيعون أن يختصروا الوقت ليكونوا في الصدارة. وأقترح إنشاء اتفاقيات بين وزارة الثقافة والجامعات السعودية للإشراف الأكاديمي عليهم خلال فترة دراستهم لمتابعة تحصيلهم العلمي، بالإضافة لإعطائهم الفرصة بعد عودتهم واستقطابهم لتدريب الطلاب الموهوبين بدلاً من ابتعاثهم للخارج.

ثقافة المتاحف

وصف يوسف خليل المشرف العام على متاحف الطيبات بجدة الابتعاث الخارجي بالفكرة الرائدة، والسامية لأننا بحاجة ماسة للتوسع في ثقافة المتاحف ونقل فكرة المتاحف من الخارج إلى الداخل سواء على مستوى الطلبة والطالبات بالمدارس خاصة، وأن حضارتنا وتاريخنا مزدحم بالثقافات المختلفة للشعوب القديمة والحديثة ومع الوقت ستتطور هذه الثقافة داخل المجتمع السعودي بسبب أن الابتعاث وتحديداً في مجال المتاحف سيمنح المبتعثين فرصة الاطلاع على حضارات مختلفة، وسيتم نقل هذه الثقافة عبر منهج أكاديمي للمملكة، وسينعكس ذلك على تطور ثقافة مجتمعنا، والذي يفتقد كثيراً لثقافة المتاحف، ومع عودة هؤلاء المبتعثين سيعاد فكر المجتمع نحو ثقافة المتاحف المفقودة لأننا بحاجة لمن ينقل موروثنا الثقافي والتاريخي لأبنائنا بسبب عدم وجود أكاديميين متخصصين في هذا الجانب، ولكن مع فتح باب الابتعاث الخارجي لأبنائنا سيكونون مؤهلين لإدارتها لأنهم سيقدمون رؤية وبرامج ومشروعات جديدة تعيد للمتاحف مكانتها المهمة التاريخية خاصة، وأن صناعة المتاحف بحاجة لمحترفين، وهذا ما سيحققه الابتعاث لتاريخ المتاحف من رعاية لمقتنيات المتاحف وتشييد لمتاحف جديدة.

الركود الثقافي

نبيلة محجوب الكاتبة والروائية وصفت مبادرة الابتعاث الخارجي بالخطوة المهمة والضرورية خصوصاً بعد فترة طويلة من الركود أثرت على الحركة الثقافية بالمملكة بمختلف فنونها مما جعل من اهتمامنا بالثقافة كمجتمع وأفراد ضعيف لذلك نحن بحاجة للتعرف على ثقافات واهتمام الآخرين بمختلف أشكال الثقافة لأنها تشكل كل المنظومة السلوكية والاجتماعية والفنون والعادات، وكل ما يدخل في حياة الإنسان فنحن كنا متأخرين كثيرًا عن المجتمعات المهتمة بالثقافة، ولذلك فإن الابتعاث الخارجي للشباب والشابات الموهوبين والمتميزين في مختلف فنون الإبداع والاحتكاك بثقافات الدول المتقدمة في مجال الثقافة كالفنون التشكيلية والسينما وصناعة الأفلام سيثري ثقافتنا، وسيعيد لها هيبته لأن إطلاع المبتعثين على حضارات الشعوب المتنوعة في لندن أو باريس أو الدول المعروفة بثراء ثقافتها سيجعل المبتعثين قريبين من تجربتهم الثقافية، ونقلها إلى المملكة بعد عودتهم سواء من حيث جودتها أو المحافظة عليها، وتطويرها مثل آثارهم القديمة والتعامل مع التقنيات الحديثة، وتحويل المتاحف إلى مكان جذاب يستقطب الزائرين من مختلف دول العالم، وينطبق ذلك على الفنون الأخرى.

المصدر:

bottom of page