top of page

أحلام مستغانمي: قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم

١١ نوفمبر ٢٠٢٤

أحلام مستغانمي: قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم


قالت الروائية الجزائرية أحلام مستغانمي إن وسائل التواصل الاجتماعي "خلقت علاقة مباشرة بين الكاتب والقارئ".

وأضافت في جلسة بعنوان "هل وسائل التواصل تخدم الإبداع أم تغتاله؟" ضمن الفعاليات الثقافية بمعرض الشارقة الدولي للكتاب: "كسبت الكثير من المحبة، وأتوقع أنني سأخلَّد في قلوب قرائي، لأنهم سيذكرون أنني أحببتهم بصدق ودون سؤال". لكنها في الوقت نفسه كشفت عن خسارتها الكثير من الكتب والراحة بسبب العالم الافتراضي، مشيرة إلى أن هذا العالم لم يعد يسمح لها بالكتابة بالنفَس الطويل والمتواصل الذي أتاح لها كتابة "ذاكرة الجسد"؛ لأن الحياة مع وسائل التواصل "أصبحت مختلفة تماماً عما كانت في السابق".

وفي حديثها عن العلاقة المتشابكة بين الإبداع والخصوصية، تطرقت مستغانمي في الجلسة التي حاورتها فيها الإعلامية بروين حبيب، إلى جانب آخر من تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياتها الأدبية والشخصية؛ قائلة: "أنشر ما هو في متناول الجميع، وأتحاشى الصور الاستعراضية التي تجعل قارئي يشعر باختلافي عنه، فالقارئ يحب كاتباً بالذات لأنه يشبهه لا لأنه يبهره، ذلك دور النجوم".

وأشارت إلى أن القارئ لا يرى دائماً الصورة بعين الكاتب، مستشهدة بصورة شاركتها من شرفة منزلها بإطلالة على البحر، فرأى القراء في ذلك المنظر محفزاً للإبداع، لترد قائلة: "الكاتب لا يحتاج إلى إطلالة على منظر جميل، بل إلى مكان يطلّ فيه على نفسه، يحتاج إلى نظرة صادقة في أعماق النفس، فأعظم الأعمال الإبداعية كُتبت في السجون لأنها تأتي من تأمل الداخل".

وقالت مستغانمي التي اختيرت شخصية العام الثقافية للمعرض في دورته الثالثة والأربعين: "الكاتب في الماضي كان يحتفظ بمسافة مع قارئه الذي لم يكن يهتم بالتفاصيل الشخصية، كالوضع المالي أو نمط حياة الكاتب، وهل هو يعيش ما يكتبه أم حياته تخالف كتاباته"، مستشهدة برواية "البؤساء" التي لم يتدخل فيها القارئ بحياة فيكتور هوغو الذي كان ثرياً. وأضافت: "أما الآن، في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، فإن القارئ، يتلصص ويتجسس، يريد أن يتأكد إلى أي حد يشبه الكاتب كتاباته، بعد أن أتاحت له وسائل التواصل اختراق خصوصيته، وإمكانية الحكم عليه مع كل منشور".

وتحدثت مستغانمي عن "كسب ثقة القراء" بوصفه أعظم مسؤولية يتحملها الكاتب، مؤكدة أنها تزن كلماتها بعناية وتُفكر ملياً في خطواتها؛ لأن "الثقة التي تُبنى عبر الزمن يمكن أن تُفقَد في لحظة واحدة". وشددت على عمق هذا التحدي قائلة: "أصعب شيء أن تكون عند حسن ظن الأموات، فالحي يمكنك أن تعتذر له، لكن من مات وأخطأت في حقه، لا يمكنك تصحيح خطأك معه". وأضافت: "إن احترام ذكرى الأموات من الكتاب الذين عرفناهم، وعدم استباحة إرثهم، هو واجب أخلاقي".

وتطرقت مستغانمي إلى الجانب الإيجابي من حضورها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أتاح لها ذلك التعرّف على من تتوجّه إليهم بعد أن كانت تكتب سابقاً لقارئ مجهول، مما جعل "سجلها العائلي" الأدبي يضم الملايين، معتبرة أن "قرابة الحبر أقوى من قرابة الدم". إلا أن هذا القرب وهذه "القرابة" أوجدت لها واجبات جديدة؛ إذ يستنجد بها بعضهم لمشاركة تفاصيل مؤلمة وشخصية من حياتهم، فهي هنا لتقديم "الإسعافات الأولية" لمن يستنجد بها، برغم العبء النفسي الذي يتركه على حياتها.

وأشارت مستغانمي إلى مقولاتها التي أصبحت متداولة على وسائل التواصل، موضحة أنها لم تتعمد إعداد تلك العبارات، بل إنها تكتب بتلقائية ودون تخطيط لأن تصبح جملها "مانشيتات" أو مقولات أيقونية. وقالت: "منذ (ذاكرة الجسد) شرع القراء بأخذ جمل من رواياتي وتحويلها إلى عبارات هي خلاصة فكرة أو تجربة، وهي مقولات تعيش لأنها تشبه القارئ وتلامسه في حقيقته".

وتحدثت مستغانمي عن واحدة من أبرز سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتعرض الكاتب لتحريف أقواله أو تُنسب إليه أقوال لغيره، وقالت في ذلك: "أفضِّل أن تُنسب أقوالي لشخص آخر على أن يُنسب لي ما لم أقله". واستذكرت في هذا الشأن حادثة طريفة عندما اكتشفت أن إحدى عباراتها عن أزمة المثقف قد نُسبت إلى شكسبير، وهو ما لا يمكن أن يكون لأن موضوع المثقف لم يكن مطروحاً في زمانه. وهذا يبرز مدى التشويش الذي يمكن أن يحدث عبر منصات التواصل؛ لأن معظم القراء يستمدون معلوماتهم من الإنترنت لا من الكتب.



الرأي الأردنية

المصدر:

bottom of page